يأتي قانون السينما الذي تمت المصادقة عليه اليوم الأحد بالجزائر العاصمة من قبل المجلس الشعبي الوطني إلى سد الفراغ القانوني في هذا المجال و التأسيس لرؤية جديدة لمهام كافة المتعاملين لا سيما السلطات العمومية و ذلك في إطار المجهودات الرامية إلى إعادة بعث السينما. و يعد قانون السينما الذي جاء ليعوض قانون 1967 الذي تجاوزه الزمن ضرورة فرضتها التطورات الحاصلة في ميدان السينما لا سيما مع الفوضى العارمة التي ميزت هذا المجال في غياب آليات التأطير والمراقبة المناسبة مثلما كانت قد صرحت به وزيرة الثقافة خليدة تومي في وقت سابق. و يهدف هذا القانون أساسا -- مثلما تشير إليه مادته الأولى -- إلى "تحديد القواعد العامة المتعلقة بالنشاط السينمائي و استغلاله و ترقيته حيث يعتبر و بغض النظرعن طابعه الفني و الثقافي نشاطا صناعيا و تجاريا". و في هذا الإطار تم وضع مقاربة جديدة لعدة محاور متصلة بالنشاط السينمائي و بكيفية ممارسة الرقابة انسجاما مع التحولات التي تعيشها الجزائرلا سيما في مجال الحريات. و من بين ما يتضمنه القانون المذكور مادة تتعلق بتأسيس صندوق ترقية فن الصناعة السينماتوغرافية بالإضافة إلى شق آخر يتعلق بالإنتاج السينمائي والإنتاج المشترك و جنسية الأفلام حيث نص على تخفيف الجوانب الإجرائية المتصلة بإنتاج الأفلام المنجزة في إطار الاتفاقيات السينمائية الحكومية. أما فيما يتعلق باستغلال قاعات السينما فيشير ذات القانون إلى ضرورة إخضاعها لدفتر شروط يعد وفق الأطر التنظيمية و يعيد الإعتبار من جهة أخرى إلى وظائف التفتيش والمراقبة لقاعات السينما من خلال اعتماد السلكين المذكورين وإخضاع المفتشين لأداء اليمين مع إعطائهم الصلاحيات القانونية للقيام بمراقبة مدى احترام بنود دفاتر الشروط. كما تنص الأحكام الجديدة المدرجة في قانون السينما على عدم إخضاع الأفلام غير الموجهة للتسويق و أفلام الهواة الى مواد القانون الجديد و ترشيد المال العام المخصص للسينما و تنظيم حفظ الأرشيف إضافة إلى إلزامية الإيداع القانوني للأفلام و تحديد دور الدولة في المجال السينمائي. و كانت وزيرة الثقافة قد حرصت على التأكيد بأن الهدف من وراء قانون السينما ليس كبح المبادرات وإنما وضع الأطر الأساسية لتنظيم المهن المتصلة بهذا المجال الحيوي. و يأتي هذا التأكيد ردا على بعض الأصوات التي رأت في المادة الخامسة من القانون المتعلق بالسينما كبحا لحرية السينمائيين علما أن المادة المذكورة تنص على أن إنتاج الأفلام التي تتعلق بثورة التحرير الوطني و رموزها يخضع لموافقة مسبقة من الحكومة. و عموما كان قانون السينما في مرحلته الأولية محل جملة من إستفسارات وملاحظات نواب المجلس الشعبي الوطني و أعضاء لجنة الثقافة و الإتصال و السياحة للمجلس التي اعتبرت أن أحكامه اتسمت ب"السطحية" و "العمومية" رافضين المادة الخامسة "شكلا ومضمونا". كما عبرت اللجنة أيضا عن تحفظها على ما وصفته بالمبالغة في ربط مختلف الأنشطة السينمائية و الفاعلين فيها بالادارة المركزية و كثرة التراخيص المشترطة و هو ما يتعارض -- حسبها -- مع طبيعة العمل الثقافي. و يجدر التذكير بأن مشروع القانون المتعلق بالسينما قد حظي بالتصويت على 11 اقتراح تعديل من بين العشرين المقدمة بينما تم سحب أربعة اقتراحات و رفضت خمسة أخرى.