من منا لا يتذكر أغاني الراي القديمة النابعة من عمق مدينة سيدي بلعباس كأغنية يازينة ديري لتاي، يا زغيدة، ماعندي زهر ·· وحين نستمع إلى هذا النوع من الأغاني تقودنا الذاكرة مباشرة وبطريقة تلقائية إلى تذكر فرقة ''راينا راي'' تلك الفرقة البسيطة التي تمكن أعضاؤها من إخراج إرثهم الموسيقي من محليته وشعبيته إلى العالمية؛ حيث أخلطت الأوراق وتحدت كل الصعاب وتمكنت من أن تصنع لها إسما في سجل العالمية وما يشد النظر أن معظم أعضاءها من الأحياء الشعبية العتيقة كحي طوبة وفيلاج عبو وحي العمارنة وفيلاج الريح ·· هؤلاء الشباب قرروا في الثمانينيات أن يستجمعوا أفكارهم وآرائهم من أجل تأسيس فرقة ''راينا راي'' وهذا بعد أن تفننوا في إحياء الأعراس· وللإشارة، فإن الفرقة قبل اشتهارها كانت مطلوبة بكثرة من طرف الجمهور العباسي وجمهور ولايات الغرب الجزائري لإحياء الحفلات والأعراس، ذلك ما شكل دافعا لتأسيس الفرقة الذي يعود إلى سنة 1967 من طرف قادة زينة وطيب وعيسى ومصطفى، وتمكنت الفرقة في فترة وجيزة من كسب جمهور كبير وبدأت أصداؤها تصل إلى كافة القطر الجزائري، فتلك الأغاني البسيطة أصبحت متداولة من طرف الصغير والكبير وأخذت أغنية الراي تطرق أبواب كل العائلات الجزائرية بعدما كانت حكرا على سكان مناطق الغرب الجزائري، فالنجاح الذي حققته الفرقة دفعها لأن ترحل إلى باريس في شهر ديسمبر من سنة 1982 وفي هذه الفترة إلتحق لطفي عطار بالفرقة بعدما أثبت جدارته وموهبته على آلة القيثارة· وللإشارة، فقد حاز لطفي على لقب أحسن عزف على آلة قيثارة في العالم· باريس بوابة النجاح لفرقة ''راينا راي '' بعد النجاح الذي حققته فرقة ''راينا راي'' في الجزائر قررت الرحيل إلى باريس المدينة التي تقدس الفن والفنانين، كما أكد لنا ''قادة زينة'' عضو أساسي في الفرقة آنذاك؛ حينها تم تسجيل أول شريط لها بعنوان ''يا زينة ديري لتاي''وهذا بعد ستة أشهر من التحضير وفي فترة وجيزة تم تسجيل ثاني أغنية بعنوان ''زغيدة''، وخلال ذلك قامت الفرقة بعدة جولات بعدما تلقت دعوات لإقامة حفلات بكل من الولاياتالمتحدةالأمريكية وألمانيا وإسبانيا، إلى جانب إحيائها أكثر من حفل في باريس غير أنه في سنة 19 83 شهدت الفرقة بعض التوترات، الأمر الذي دفع ب ''قادة زينة'' إلى الإنسحاب في صمت وخلق ذلك نوعا من التشتت وسط ''أبناء بلعباس'' غير أن جيلالي عمارنة الذي تميز بصوته القوي حل مباشرة مكانه، وراحت الفرقة تواصل مشوارها الفني المشرف غير أن سنة 1985 نزلت كالصاعقة على الفرقة حيث تشتت من جديد بسبب تصاعد الخلافات بين أعضائها وخلالها فكر كل واحد منهم في تخطيط لتسير مستقبله، فالفنان الهاشمي قام بتأسيس فرقة ''راينا هاك'' وأطلق عليها هذا الإسم نسبة إلى الآراء المتضاربة بين أعضاء الفرقة بعد تفككها، أما لطفي عطار فقام بتأسيس فرقة ''عمارنة''، أما جيلالي، فقد أصيب بالسرطان الذي نخر جسده الضعيف، وفيما يخص ''قادة زينة'' فقد تحول من فنان إلى بائع خضر بسوق الليل الموجود بوسط مدينة سيدي بلعباس· أسطورة ''راينا راي'' ·· أين هي بعد الشهرة الكبيرة!؟ ''الجزائر نيوز'' بعدما تلقت أخبارا غير سارة عن أعضاء الفرقة تنقلت إلى مدينة سيدي بلعباس لترصد عن قرب أخبار هؤلاء النجوم الذين لمعوا في سماء الفن خلال السنوات الماضية في المحافل الدولية حيث كانوا أنفسهم سفراء لأغنية الراي الأصيلة عبر العالم غير أن الحظ خذلهم حيث لم يستطيعوا مواصلة مسيرتهم، وللأسف أصبح كل واحد منهم يعيش في دوامة الفراغ وصدمة الانكسار، والغريب في الأمر أن وضعيتهم الاجتماعية أضحت جد مزرية، الأمر الذي جعل أهل مدينة سيدي بلعباس يتأسفون لما آلت إليه حالة أعضاء هذه الفرقة حيث أنهكه المرض بعضهم ، وأنهك الفقر التعض الآخر أي ما يسمى بلغتنا العامية ''المزرية الكحلة''· مطرب الفرقة ''جيلالي''·· السرطان ينخر جسده في صمت! جيلالي، عضو الفرقة أصيب بالسرطان، فقد أنهك ورم خبيث جسده الضعيف، فحين تتمعن فيه تجد الابتسامة لا تفارقه رغم المرض الذي يلاحقه، والأخطر من ذلك أن هذا الفنان الذي قدم شبابه لخدمة الفن الجزائري، هو اليوم يعيش رفقة عائلته الصغيرة القاطنة بحي ''السريكور'' فقرا مدقعا، فجيلالي يعيش حاليا بصدقات أهل المدينة من المحسنين، حتى أصبح بعض أبناء المدينة يطلقون شعارا ''من أراد أن يتصدق فليطرق باب الجيلالي'' ·· وأنت ببلعباس، تشعر بذلك التكافل وذلك الحب والاحترام الذي يكنونه لجيلالي راينا راي ·· وللأسف كل ذلك يتم في ظل غياب أي تدخل من ''حليمة حنكور'' مسؤولة الثقافة التي تتعمد تهميش الفنانين، ثم أن جيلالي رغم معاناته الصحية ومصاريف العلاج الكبيرة فإنه لم يتلق مساعدة من المسؤولين، غير أن مديرية الثقافة بالشلف قامت بمبادرة جميلة حيث برمجت حفلا جمعت فيه التبرعات لمساعدة جيلالي، حسب ما أكدته لنا الشيخة ''نجمة'' ·· وهكذا يواصل هذا الفنان الإنطفاء في صمت· ''قادة زينة'' تحول من فنان إلى بائع خضر الساعة كانت تشير إلى الثانية بعد الزوال حين توجهنا إلى ''قادة زينة'' رئيس فرقة ''راينا راي'' سابقا ·· دخلنا سوق الخضار الموجود بحي عيسات إدير، أخذت عيوننا تبحث عن ذلك الرجل الوسيم، كما اعتدنا على مشاهدته في التلفزيون والحفلات الرسمية، غير أننا لم نعثر عليه، وخيل إلينا أن هناك سوء تفاهم على الموعد الذي ضربه لنا، طلبناه من جديد على الهاتف فرأيناه يلوح لنا بيده من بعيد، وعندما اقتربنا منه كادت عيوننا تذرف دموعا، للأسف الرجل حوله الفقر إلى رجل آخر كان يرتدي لباس ''السلفيين''، وكادت لحيته تغطي وجهه البريء، راح يتحدث لنا عن معاناته، وكيف يعاني من الفقر حيث يعمل أجيرا في سوق الخضار، مضيفا أنه لا يملك لا تقاعدا ولا مسكن لإيواء أسرته المتكونة من سبعة أفراد، ولا أي شيء يوفر له حياة كريمة، وأصبحت شهرته شهرته التي كانت في الماضي أثرا بعد عين· لطفي عطار ·· صاحب القيثارة العجيبة هو الآخر يعيش في زمن الماضي، زمن الشهرة التي أحدثت التغيير الكبير في أغنية الراي، غير أن هذا الفنان يعد أفضل بقليل عن غيره من أعضاء الفرقة، وذلك من خلال إنشائه لفرقة ''عمارنة'' حيث أخذ يقيم الحفلات هنا وهناك، مستغلا إسم الفرقة السابق، وقد أكد لنا ''قادة زينة'' أن لطفي إستغل الشهرة التي حققتها فرقة ''راينا راي'' وأنه أخد يصطاد في المياه العكرة رفقة بعض الشباب الذين لا علاقة لهم بأغنية الراي· الهاشمي راينا راي أنشأ، فرقة موسيقية أطلق عليها إسم ''راينا هاك'' تضم بعض شباب، تنشط فقط في مجال الحفلات والأعراس التي لا تزال وفية لأغنية الراي القديمة، لكن هذا لا يدل أن الهاشمي راض عن عمله الفني الجديد بعد تشتت فرقة ''راينا راي''·