في معادلة بسيطة بين الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال وما تم أسرهم من صهاينة لدى المقاومة في الأراضي الفلسطينية من حيث العد والتعداد والمعاملة، تجد العجب العجاب مع فارق التشبيه بين مقاومة تأسر لأجل استعادة أسراهم وبين غاصب محتل يسجن لغرض التنكيل والقتل وإمعان الحصار وتنفيث حقده في أسرى مكبلين بقيد الجبروت والعنجهية· ولو قارنا الصيحات التي تنادي بإطلاق صراح شاليط والحملات الإعلامية التي ملأت أرجاء الأرض لتجرم المقاومة وتطالب بعودة شاليط إلى حضن أمه، والحملات الإعلامية العربية عن الفوط الصحية والشيبسي والبيبسي والستار أكاديمي ليدلل على مدى ضعف الإعلام العربي ومدى تهميشه للأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال، بل لم يشغل إعلامنا الميمون حيزا من وقته الثمين وحملاته الإعلامية للمعاناه الحقيقة لأسرانا في سجون الاحتلال· معاناة الأسرى أسمعت من به صمم، لكنها لم تسمع حكامنا الميامين، ولا إعلامنا العربي الغارق في الطرب والرقص حتى الثمالة، لم يتذكر أحد الأسرى في يوم الأسير سوى بعضاً من الجمعيات، والندوات والتصفيقات وشرب العصير وكلمات معسولات وشعارات رنانة سرعان ما تطير في الهواء وكلُ ينفض إلى حالة وتبقى معاناة الأسرى خلف زنازين السجان هي هي، وتبقى آمالهم وأحلامهم في عملية تبادل للأسرى أو انتهاء محكومياتهم التي تتجاوز الثلاثة مؤبدات ويزيد على أمل رؤية أهلهم وزيهم ورؤية النور بيد جلاد قذر· ربع الشعب الفلسطيني دخل سجون الاحتلال ما بين أمهات وأطفال ورجال، حسب آخر إحصائيات لعدد الأسرى في سجون الاحتلال، وفي أن لا أساسا قانونيا تستند عليه إسرائيل من خلال اعتقالها للفلسطينيين، ''فهي تطبق في محاكماتها للأسرى والمعتقلين الفلسطينيين أحكام قانون الطوارئ البريطاني الصادر عام.''1945 ويوضح بولوس أنّ حتى هذا القانون، الذي يلغي كل الحقوق الإنسانية والقانونية التي قد يتمتع بها أي شخص يتم اعتقاله، هو ''مجرد حبر على الورق، فسياسة القضاء العسكري تستند في الأساس على قرارات جهاز الشاباك، الذي يتحكم بمصير المعتقلين، ويقرر من يخرج ومن يبقى ومن يجب عليه دفع غرامات مالية عالية''· ومع كل ذلك لم يكن للأسير الفلسطيني نصيباً في المجتمعات الدولية والمدنية والحقوقية، ليثبتوا ظلم الجلاد وجرم ما يلاقيه الأسير الفلسطيني داخل زنازين الاحتلال من إهانة في المعاملة وإهمال طبي وتنكيل وتعذيب فاق كل الحدود ليطالعنا اليوم خبر وفاة ''رائد محمد أبو حماد (31 عاماً) بسبب الإهمال الطبي والعزل وسوء المعاملة والتعذيب الذي تمارسه إدارة السجون الصهيونية ضد الأسرى البواسل مع أن الحق الكامل والقانون الدولي والداخلي يعمل على تجريم المحتل ويساعد الأسرى في إطلاق سراحهم !! القتل هو ديدن الاحتلال وأسلوب حياته، ومع أننا عرفنا ذلك العدو الصهيوني وفهمنا الدرس جيداً، إلا أننا استهوينا الاستكانة وألفنا ملاقاة عدونا ومصافحته ومكافأته بعد كل صفعة على قفا حكامنا ولا أدرى إلى متى سيطول بنا هذا الحال، من الهوان والذل والرضا بممارسات ذلك الغاصب وتدنيسه لأراضينا واستباحة لدم الأبرياء والتنكيل اليومي بالأسرى، نعم في يوم الأسير نقول لهؤلاء أسرانا ولا شاليتكم حرية كافة أسرانا مقابل حرية ذلك الجندي الغاصب· لم يعد لدينا الآن سوى المقاومة لأسر مزيداً من رفقاء شاليت لمبادلتهم بمعتقلينا في سجون الاحتلال والتاريخ الفلسطيني يشهد على قدرة المقاومة في عمليات التبادل التي تمت، أخيراً لا نريد أن نبقي السياسة الفلسطينية بعيداً عن ملف الأسرى، فمن باب الأولى بحث موضوع الأسرى والدور الدولي الواجب اتخاذه تجاههم، تمهيداً للضغط على إسرائيل لإطلاق سراحهم''· لكن هل يجرؤ سياسيو فلسطين على ذلك؟