شرع، أمس، عمال السكك الحديدية بالجزائر العاصمة، في إضراب مفتوح عن العمل، وينتظر أن يكون الإضراب شاملا بداية من اليوم· محطة آغا للسكك الحديدية، تكاد تكون فارغة من المسافرين، في الحادية عشرة صباحا من أول أيام الأسبوع·· إنه الإضراب الذي بدأ محتشما وسرعان ما توسع نطاقه إلى الشرق والغرب، ويتوقع أن يكون شاملا بداية من اليوم، وهو إضراب مفتوح، لكن المسافرين من الضاحية الشرقية والغربية على وجه الخصوص يكاد الكثير منهم لا يعلم شيئا عن تلك الحركة المطلبية التي اكتفى منشطوها بالحد الأدنى من الخدمات ونادرا ما تجد قطارا توقف بالمحطة وحتى القطار الذي كان من المفترض أن يسافر إلى وهران على الثامنة صباحا تأخر إقلاعه إلى غاية العاشرة، مما جعل الأقلية من الناس المنتظرين في المحطة يغادرونها على الفور بحثا عن حافلة رغم حركة اختناق الطرقات البرية التي تؤخر السفر ساعات طويلة· وأمام الأرصفة كان القليل جدا من الناس جالسين، بعضهم ينتظر عبثا قطارا يأتي، مثل ذلك الشيخ الذي قال بأنه عامل سابق في المؤسسة ويفترض أن ينزل في محطة الخروبة، ولم يكن يعلم بأن القطار لن يأتي في الوقت الذي انتظره، وعندما علم بالخبر نهض بشكل مفاجئ ليتنقل إلى المحطة البرية 2 ماي ,1962 وتلك العجوز التي رفضت الكلام وبقيت تنتظر، وأمامهم بعض عمال المحطة جالسين في الأماكن المخصصة للمسافرين والتي كانت شبه فارغة، غير بعيد عن الكشك التابع للمحطة والذي لم يجد زبائن يبيع لهم كما كانت العادة في الأيام الماضية· وبجانب الكشك كان أحد الشباب يتكلم وهو في حالة غضب وسخط على الواقع، ويقول بأنه جاء صباحا من بومرداس وعندما وصل القطار إلى الحراش توقف ورفض عماله إتمام السفر إلى المحطة النهائية للجزائر العاصمة بحجة أنهم شرعوا في الإضراب وربما لم يكونوا على علم به عندما بدأوا الرحلة قبل ذلك من العاصمة إلى الثنية، ثم العودة من الثنية إلى غاية الوصول إلى الحراش، وبالقرب منه كان أحد الكهول في خالة شبه غياب عن الوعي لا يقوى حتى على الكلام· ولم يكسر ذلك الروتين إلا بعض القطارات القليلة جدا القادم أحدها من وهران، والآخر من الضواحي وهي من نوعية القطارات القديمة، في إطار الحد الأدنى من الخدمات الذي وعدت به نقابة السكة الحديدية التي دعت إلى الإضراب الذي قالت إنه سيكون مفتوحا إلى غاية تحقيق كل المطالب الموضحة في البيان الصادر حديثا· وفي تلك الأجواء، غاب صوت موظفة الاستقبال والتوجيه الذي كان يشير في كل مرة إلى دخول أحد القطارات أو وجهته والمحطات التي يتوقف عنها، فقد كانت في مكتبها لكنها لم تجد ما تعلن عنه وتكتفي بالحديث إلى الغرباء من الزبائن الذين يدخلون المحطة لتعلمهم أن العمال في حالة إضراب مفتوح عن العمل، ومع مرور الوقت بدأت حركة المارة نحو محطة آغا من وسط مدينة الجزائر العاصمة تقل وتقل، فقد بدأ خبر إضراب عمال السكك الحديدية في الانتشار، وهو الخبر الذي أصاب الكثير من الزبائن بصدمة، وقد وجدوا فيه بديلا حقيقيا لمحنة اختناق حركة المرور عبر الطرق البرية، خاصة مع بدء البرنامج الجديد في منتصف شهر فيفري الماضي عندما تضاف عدد الرحالات بشكل ملفت مع استخدام قطارات السير بالكهرباء التي ساهمت بشكل كبير في الحد من مشكلة اختناق الطرقات وأصبح العمال والمسافرون يتنقلون في كل وقت وفق برنامج محدد سلفا، قبل هذا الإضراب الذي لا أحد يعلم كيف تكون نهايته·