هذا سلوك القاتل، القاتل الذي أفلت طويلاً من العقاب، تضاعفت شهوة القتل لديه، حولها سياسة ونهجاً وأسلوباً في التعامل والتخاطب· هذا سلوك القراصنة، يستولون على الأرض، يقتلعون أهلها والأشجار، يزورون صكوك الملكية، ويطاردون أصحاب الصكوك جواً وبراً وبحراً· هذه دولة مسلحة حتى الأسنان تتصرف كسفاح، كل دم جديد يزيده عطشاً، سفاح يستعذب رؤية الجثث، يعتبرها أوسمة على صدره، يستلذ احتقار الأممالمتحدة ومبادئ حقوق الإنسان، وكرامة العرب والمسلمين، والمبادئ التي يفاخر الغرب بحملها، سفاح لا يخشى محكمة أو هيئة، مجرم مزمن، عقل موتور، وآلة قتل واسعة· دولة مجرمة لا تريد حدوداً نهائية، ولا ضوابط لسلوكها، ولا أعرافاً تكبح وحشيتها، تذرعت بضحايا سابقين، تحولت مصنعاً دائماً لإنتاج الضحايا· هذه دولة مهمتها إنتاج الجنازات والأرامل والأيتام، وحشيتها مكشوفة· سقطت كل أوراق التين الدجالة، دولة نكبة لمنطقتها، وعبء على حلفائها· دولة قوية ومذعورة، كل حديث عن السلام يذكرها بجريمتها الأولى، ترتعد فرائصها، تكذب، تتهرب، تعتدي· تخلط الأوراق والملفات، تتنكر للتعهدات والاتفاقات، ثم تهرب إلى جريمة أكبر، علمتها التجارب أن ذاكرة العالم تمتاز بقدرتها على النسيان· دولة تتعامل مع حديث السلام كمن يرغم على تجرع السم، تناور وتكمن، تفرغ النصوص من محتواها، وتتابع فرض الوقائع على الأرض، تتلاعب بالملامح، عقيدتها القوة، ورهانها على القوة عارية من أي شرعية أو حصانة أخلاقية· نكتب بغضب، هذا صحيح، مذبحة البارحة أكبر من القدرة على الاحتمال، إهانة البارحة أصعب من أن تبتلع· المشهد جارح للعربي والتركي وللمسلم، ولكل من يؤمن بالحق والعدل والكرامة الإنسانية والشرعية الدولية· نعرف موازين القوى وحدود الأشياء، لكن هذه الجريمة يجب ألا تمر بلا عقاب· على مجلس الأمن الدولي أن يدافع عن مبررات وجوده، على الولاياتالمتحدة أن تتحمل مسؤولياتها، الأمر نفسه بالنسبة إلى الدول الكبرى، على الضمير الغربي أن يتنبه إلى المخاطر، على العالم إحكام العزلة حول الدولة العبري، لجم قدرتها على الاستباحة· وعلى الجامعة العربية طرق كل باب مفيد، والأمر نفسه بالنسبة إلى منظمة المؤتمر الإسلامي، وعلى الفلسطينيين أن يتذكروا أن المصالحة واجب وليست ترفاً· لجريمة البارحة أثمان،جازفت إسرائيل بعقود من العلاقات مع تركيا، جازفت بصورتها لدى الذين انطلت عليهم أكاذيبها، أحرجت حلفاءها وأصدقاءها· وأضعفت منطق خيار التفاوض معها دفعت نفسها إلى موقع الإدانة والعزلة، سيكون مفيداً أن ترتد الأزمة إلى الداخل الإسرائيلي، وأن تسقط هذه الحكومة التي لا تعد المنطقة بغير المستوطنات والزلازل· طبعاً مع التنبه إلى مخاطر إقدام حكومة المرتكبين هذه على مغامرة لقلب الطاولة· مغامرة عسكرية هنا أو هناك، ولهذا يجب عدم توفير أي ذريعة يمكن أن تستغلها الدولة العبرية للخروج من المأزق· لا يكفي أن يقول العالم إنه يستنكر أو يشجب أو يدين، عليه اعتقال قاتل اسمه إسرائيل، عليه إرغام القاتل على وقف القتل· والرضوخ لمنطق السلام· وقبول قيام دولة فلسطينية مستقلة· كل عقاب أقل من ذلك لن يكون موازياً لحجم الجريمة، ولن يضمن عدم تكرارها، ترك القاتل طليقاً يرشح المنطقة للمزيد من التطرف والانفجارات والانهيارات· يرشحها لاستقبال أنهار من الدم·