يتجدد الحديث عن حالة الهوس الكروي قبيل أيام من الانطلاق الرسمي للعرس العالمي، غير أن هذا الهوس لم يقتصر على الجماهير بل تجاوزه ليشمل الاقتصاد وبالأخص انتعاش التجارة، فالجدير بالذكر أن كأس العالم أكبر منافسة على الإطلاق تتجاوز أهميتها الأولمبياد، على اعتبار أنها تشد اهتمام ما يقارب ثلاثة ملايير شخص في حوالي 200 دولة عبر العالم، وهو ما ما يفسر اهتمام كبريات الشركات عبر العالم بهذه المنافسة من خلال الرغبة في استغلالها في الترويج لمنتجاتها· والواقع أن كأس العالم باتت تشكل رهانا اقتصاديا حقيقيا تنطلق من التجارة الصغيرة على الطرقات والأرصفة، مثلما هو الحال مع الجزائر لتصل لمضاعفة أرباح التجارة الكبرى· والحال أن الجزائر هذه الصائفة لم تكن بعيدة عن هذه الأجواء، فقد شكل تأهل الفريق الجزائري للمونديال رهانا اقتصاديا، كانت بدايته مع تهافت الشركات الكبيرة في الجزائر لتكون الراعي الحصري والرسمي للفريق· هذا التأهل سمح حسب المراقبين للفيدرالية الجزائرية لكرة القدم لأن تضاعف من مداخيلها، قدرت بزيادة بحوالي خمسة ملايين دولار· و هذه المبالغ التي حصدتها ''الفاف'' جاءت نتيجة لتسويق صورة الخضر، حيث تم التعامل مع الفريق من منطلق السلعة التي يتم استغلالها بأحدث طرق الماركتينغ الحديث· في هذا السياق قامت الفاف بالتعاقد مع متعامل الهاتف النقال من أجل أن يكون الراعي الرسمي والحصري، مقابل صفقة قدرت بحوالي ثلاثة ملايين أورو· وقد كانت الصفقة مع واحد من أكبر مصنعي المعدات الرياضية، شركة بوما لتزويد الفريق الوطني بلباس المنافسة مقابل صفقة قدرت بأكثر من مليون أورو· الجدير بالذكر أن هذين الشركتين كان لهما السبق في عقد مثل هذه الصفقات منذ فترة طويلة، على أن هناك العشرات من الشركات التحقت بركب الشركات الراعية للفريق: أجهزة كهرومنزلية، مواد غذائية، الطيران، تأمينات كلها شركات استغلت الفرصة للترويج لمنتجاتها من خلال استغلال صورة الخضر أو واحد من نجوم الفريق· المثير أن هذه الصفقات لم تقتصر على الشركات الكبرى، بل امتدت إلى باعة النسيج التي غزت شوارع العاصمة، سيما بعد انتشار ظاهرة البضائع المقلدة· وقد شهدت الفترة الأخيرة، أياما قبل انطلاق كأس العالم بجنوب إفريقيا انتعاشة حقيقية في العديد من القطاعات الصناعية، على غرار الصناعة الكهرومنزلية، وفي مقدمتها التلفزيونات التي لاقت رواجا منقطع النظير، مع العلم أن ظاهرة اقتناء المقاهي لشاشات مسطحة تلفزيونية عرفت انتشارا كبيرا، تحسبا لزيادة عدد رواد المقاهي لمتابعة المباريات· الأكيد أن تواجد الفريق الوطني في المونديال ساهم في اغتناء الكثيرين، لعل آخرهم المصانع الصغيرة لإنتاج الرايات الوطنية·