أبدع أنصار الفريق الجزائري في صبغ شعورهم، وظهروا للعالم بألوان فاتحة وزاهية، الأخضر والأبيض والأحمر، ألوان العلم الوطني، لقد صبغوا شعورهم ووجوههم، وأطرافهم أيضا، وظهروا للعالم كله من خلال شاشات التلفزيون، مثل الحديقة، تصرخ بالألوان وتنبض بالحياة· وبصراحة، كانت ألوان الأنصار أجمل وأبهى من ألوان اللاعبين، ربما لأن هؤلاء صبغوا شعورهم، مثل يبدة وشاوشي وزياني، بالأوكسجين أو الحنة أو ''خليط الطين'' وليس بألوان العلم الوطني· ويظهر أن الأنصار لا يلعبون مع علم ونشيد بلدهم ويجعلونهما شيئا مقدسا، وهذا شيء مثير للزهو والافتخار، لكنهم في المقابل يقومون بتصرفات لا تثير زهوا أو فخرا، بقدر ما تثير الدهشة وتطرح الأسئلة بشأن قوة وطاقة وأهداف هؤلاء الأنصار، مثل قيامهم بإنزال العلم الفرنسي من ساريته ببلدة ''فيل نوف سان جورج'' بفرنسا، وحرقه، ورفع العلم الجزائري مكانه، فقد استيقظ السكان والمسؤولون فوجدوا العلم الجزائري يرفرف فوق البلدية، وكان علما نظيفا وجديدا وليس باليا أو متسخا مثل الذي نراه فوق البلديات الجزائرية، مثل هذا السلوك لا يقوم به إلا الجمهور الجزائري، وقد تأكد هذا الشعور لديّ، عندما قام أنصار الفريق الجزائري بلطم مواطن مصري بكفين أو ثلاث على خديه، الأيمن والأيسر، بعدما تجرأ وشجع الفريق السلوفيني أمامهم، وقيام مناصر آخر بالتسلق فوق قمة عمود كهربائي تاركا مدرجات الملعب لغيره من الأنصار··· تذكرت أمس كيف قام الجمهور في أكتوبر 2001 بغزو ملعب فرنسا قبل 15 دقيقة من نهاية المقابلة الودية بين فرنسا والجزائر، وكيف صفروا ضد النشيد الوطني الفرنسي، بعدما رددوا بخشوع النشيد الوطني الجزائري وأيديهم على قلوبهم احتراما وتقديرا· تذكرت هذا، وتذكرت ما حدث في تونس في فبراير 2004 خلال مباريات كأس إفريقيا للأمم، فقد تجرأ أنصار الفريق الجزائري على إنزال العلم التونسي من الساريات، ورفعوا مكانه الأعلام الجزائرية، وقاموا برفعها وهم يرددون خاشعين ''قسما بالنازلات الماحقات''، إلى غاية ''فاشهدوا'' دون انقطاع، حدث هذا في مدينة صفاقسالتونسية، تحت أعين التونسيين والتونسيات· أنا لست من أنصار هذا السلوك، وتمنيت لو أن الجزائريين احترموا العلم التونسي، أو العلم الفرنسي، أو علم أي دولة أخرى، أقول هذالأنني أحسست بغضب عظيم لما شاهدت ''الأخوة في مصر'' يحرقون العلم الوطني ويستهزئون بالنشيد الوطني، وأنا متأكد أنه لو ''طاح'' أحد من هؤلاء في أيدي الجزائريين في تلك الفترة، لقتلوه بأي طريقة أتيحت لهم، ذبحا أو شنقا، لأنهم متعصبون لعلمهم ونشيد وطنهم، ولا يرضون أبدا المساس به، لهذا السبب تمنيت لو راع الأنصار هذا الشعور لدى غيرهم في فرنسا أو في تونس، وأمسكوا أيديهم عن العلم التونسي أو الفرنسي، وأتنمى أن لا يقوموا بذلك في المناسبات القادمة· باستثناء ذلك، فإنهم أنصار من ذهب، رائعون ومدهشون ممتلئون قوة وطاقة· أكثر من اللاعبين، فعلى الأقل، أولئك يحفظون النشيد عن ظهر قلب، أما هؤلاء فلا يحفظونه، لاهم ولا مدربهم الشيخ رابح سعدان، وقد شاهدنا ذلك بأعيننا عبر شاشات التلفزيون·