كانت خيبة الملايين من الجزائريين والجزائريين، مساء يوم السبت، كبيرة جدا وطعمها مرا كالعلقم، عندما أعلن الحكم الجنوب إفريقي، نهاية المباراة بفوز مصر على فريقنا الوطني بهدفين مقابل صفر، الثاني فيها كان قاتلا في توقيت (قبل نهاية المباراة بثلاثين ثانية)، وقاسيا في حكمه، مؤجلا موعد الكشف عن هوية أحد المنتخبين، الذي سيترشح لمونديال 2010 إلى يوم الأربعاء القادم، تاريخ إجراء المباراة الفاصلة على أرض السودان الشقيق. وقد علمنا بهذا الصدد، أن المباراة ستجري على الساعة الثامنة مساء بالتوقيت المحلي (السادسة بتوقيت الجزائر) بملعب ''نادي المريخ'' بأم درمان، الذي يتسع لنحو 45 ألف متفرج، وأن لجنة عليا شكلت على مستوى هذا النادي والاتحاد السوداني لكرة القدم لتنظيم المباراة، وضمان ممهدات وعوامل النجاح لها، حيث تم تخصيص 20 ألف تذكرة لأنصار ''الخضر'' ومثل هذا العدد لجمهور الفريق المصري. وخلافا للاعتقاد الذي كان سائدا قبل المباراة، فإن تأشيرة التأهل إلى المونديال لم تكن محسومة بالنسبة للفريق الجزائري، بالرغم من كونه كان متقدما في الترتيب على نظيره المصري، بدليل أن ''الفاف'' أوفدت من باب التوقع والاحتياط الأسبوع الماضي إلى الخرطوم السيد مشرارة أحد أعضائها الفاعلين للبحث في عين المكان في كل التفاصيل وحتى الجزئيات التي تتعلق بإقامة الفريق الوطني وأنصاره الذين يتوقون للسفر إلى هناك لمؤازرته في مباراة الأربعاء القادم. لقد كان يوم السبت 14 نوفمبر أطول يوم في يوميات الملايين من الجزائريين والجزائريات، الذين كانت عيونهم وعقولهم مشدودة إلى القاهرة وقلوبهم تهفو إلى ''الخضر'' وتنبض بحب الجزائر والانتماء إليها، ومن الطبيعي أن يكون يوما عصيبا.. ودقائقه ولحظاته بطيئة جدا، وكأنه الدهر كله، فعلامات التوتر كانت ظاهرة حتى في خضم الأجواء الاحتفالية التي سادت معظم مناطق الوطن فرحا بالتأهل قبل حدوثه، وهي أجواء اتخذت هذه المرة شكلا آخر من أشكال التعبير عن الانتماء إلى الوطن من خلال تحويل المنازل ومقار الهيئات العمومية وغيرها إلى جداريات ملونة رسمت عليها بشكل مبدع الراية الوطنية مع كتابات وشعارات تتحدث وتتغنى بحب الجزائر، وحضورها في المونديال، وقد تزينت الشوارع والأزقة وشرفات المنازل ووسائل النقل العمومية والخاصة بالأبيض والأحمر والأخضر. كما برزت علامات ذلك على وجوه الأطفال والشباب من الجنسين، حيث تلونت بألوان العلم الوطني التي رسمتها أنامل جزائرية، وعرفت هذه الظاهرة بالمناسبة رواجا كبيرا في مختلف أنحاء الوطن، وقد انتفخت الأهداج من شدة الأهازيج واحمرت الكفوف من شدة التصفيق وبحت الحناجر من كثرة الأغاني، وتعبت الأجساد من التمايل رقصا، كل ذلك بطبيعة الحال في سبيل الجزائر. والوقع أن هذه الأجواء من الحبور والفرحة التي سبقت موعد المقابلة بأيام كانت غير مسبوقة في مقابلة تصفوية لكأس العالم في تاريخ الجزائر، لكن الفرحة بالتأهل للمونديال مساء أول أمس السبت، لم تتم لتتأجل بإذن اللّه مساء الأربعاء القادم، حيث يحرز فريقنا الوطني تأشيرة التأهل. كما تأجلت عودته إلى أرض الوطن، والتي كانت مقررة لفجر أمس الأحد، وقد علمنا في هذا الصدد، أن ترتيبات خاصة اتخذت بالقاعة الشرفية للمطار لاستقباله بالورود وعلى البساط الأحمر، إلى غير ذلك من الإجراءات والتدابير الأخرى التي تخصص عادة لرؤساء الدول ويبقى الإستقبال الرسمي والشعبي الذي يليق بالأبطال قائما إلى حين عودة الفريق الوطني من السودان ظافرا غانما، يحوز تأشيرة التأهل إلى المونديال.