بعض أحياء المدن الجزائرية، تحول ليلها إلى نهار، والإضاءة زادت عن حدها، لا بسبب زيادة الإنارة العمومية، بل بسبب الغياب الكامل للتيار الكهربائي نفسه، حيث أن جموع المحتجين على الإنقطاع المتكرر والمتواصل للتيار، لم يكتفوا بالشموع، بل لجؤوا إلى حرق العجلات المطاطية، مما رفع درجة الحرارة المرتفعة في الأصل، وحوّل تلك الأماكن إلى قطع من الجحيم، حيث تتوقف أجهزة التبريد والمروحيات الكهربائية والثلاجات· ويستوي الفقير وبعض أغنياء تلك الأحياء، التي تبقى معزولة عن العالم وعن حملات التوعية التي تدعو إلى ترشيد استهلاك الطاقة الكهربائية، فلا أحد يسمع تلك الومضات، وهاجس بلاك آوت السنوات الأولى من هذا القرن يعود إلى الأذهان، مكذّبا كل ادعاءات المؤسسة الوصية، التي كانت تقول بأنها تجاوزت كل الأخطار الممكنة في هذا الصدد، وهي تتكلم عن عمليات تصدير للطاقة الكهربائية نحو دول الجوار، تلك الإدعاءات التي سقطت عند أول امتحان، واتضحت الأمور على حقيقتها تحت ألسنة النيران المنبعثة من العجلات المطاطية المحترقة، التي قد لا يجد المحتجون إذا استمرت الإنقطاعات والإحتجاجات قطعا منها والكثير من الأطر الموجودة قد أحرقت بالفعل، ومع الجحيم الذي وجد المواطن نفسه فيه وهو يواجه موجة الحر، مضافا إليها موجة انقطاع التيار، يجد بعض أصحاب الورشات أنفسهم ضحايا مأساة غلق ورشاتهم، وسلعهم معرضة للفساد، ولا يرضى بهذا الوضع إلا أصحاب الدكاكين الذين يتخلصون بسرعة من أطنان الشموع التي كانت مكدسة عندهم، في انتظار ''البلاك آوت''·