اتفقت أنا وحماري التعيس مثل تعاسة كل الأيام التي نعيشها أن نتكلم في كل شيء سوى البالون·· واتفقنا أن غرامة مالية سوف تسلط على الذي يخلف الاتفاق·· بقينا نتحدث مثل العقلاء·· بحثنا في ذكرياتنا القديمة·· تكلمنا عن صداقتنا الطويلة·· تكلمنا عن سعر الزيت والبطاطا والطوماطيش·· تحدثنا عن جرائد الهزيمة·· تحدثنا عن ساس يسوس سوسة·· تحدثنا عن خالتي الطاوس وكل ما تفعله فينا آخر الشهر بسبب تأخر الكراء·· تحدثنا عن إمام الجامع وخطبه الطويلة·· تحدثنا عن مقهى الحي والبن ''المعاود'' الذي يغشنا به القهواجي·· تحدثنا عن الصيف والتسمم والبحر ''الموسخ''·· تحدثنا عن زحمة الطرقات ومشاريع عمار غول التي لا تريد أن تنتهي·· تحدثنا عن الميترو·· الذي أصبح الناس يلقبونه بالحفرة الأبدية·· تحدثنا عن العمارة التي نسكنها والتي تؤول للسقوط بفعل الزلزال و ارتداداته·· ثم صمتنا··· وفجأة صاح حماري·· سماطة والله سماطة·· قلت له·· ما بك يا حماري؟ قال·· سأدفع لك الغرامة ودعني أتحدث عن البالون كما أريد·· الدنيا لا تحلو إلا به··