كرة القدم هي الرياضة التي تكشف عن الأداء الفني الذي ينجح في جلب الجماهير، فتمريرة قصيرة للكرة للساحر ديغو فورلان يمكن أن تحرك الملايين من المشاهدين، بخلقه نوعا من التجاوب الذي يتسبب في هذيان جماعي بعيدا عن الانتماء الاجتماعي والإيديولوجي للجمهور· لقد كانت الأهداف الخمسة التي وقعها لاعب الأوروغواي فورلان، الذي يسير على خطى اللاعب الدولي السابق بابلو، مختلفة تعكس الميزات الكثيرة والعديدة لهذا اللاعب، الذي يتواجد حاليا مع نادي ''أتلتيكو مدريد'' بعد أن كان ضمن نادي ''مانشستر يونايتد'' الذي باعه بمبلغ تافه قدره أربعة ملايين أورو لنادي ''فيلاريال'' الذي استفاد من هذه الصفقة الرائعة، بعد أن أصبح فورلان أحسن هداف في البطولة الإسبانية وهذا ما رفع من حجم المزايدات، لينتهي به المطاف في فريق ''أتلتيكو'' الذي اشتراه مقابل 21 مليون أورو ليستفيد فريقه السابق ''فيلاريال'' من هذا المبلغ المالي الكبير· وخلال هذا المونديال، أعجبت كثيرا بهذا اللاعب الفنان الذي يداعب الكرة برجليه الاثنتين بكل خفة وسلاسة، كما يداعب الفنان الريشة، ولهذا لم يكن منحه الفوز ل ''أتلتيكو'' وحصولها على لقب بطل أوروبا بالمعجزة، بعد توقيعه لأهداف تحمل بصمته الخاصة· مثل هذه الميزات التي أبهرت الغانيين وإفريقيا كلها سمحت لفريقه أن يحلم بمستقبل من ذهب، وبالرغم من الهزيمة أمام الفريق الهولندي، سدد هذا اللاعب الظاهرة هدفا رائعا على بعد 30 مترا وبسرعة خيالية قدرت ب 98 كم في الساعة، ليكون الآن الهداف الأول بتسجيله خمسة أهداف بطريقة بهلوانية، وقد جعلت أهداف هذا اللاعب ألمانيا تشكك في قدراتها لولا أن العارضة كانت الحاجز الوحيد الذي وقف أمام إمضائه لهدفه السادس في هذا المونديال خلال الوقت الأخير من المقابلة التي جمعته مع الفريق الألماني· هذا الشاب الأنيق صاحب 31 سنة، نجح بطريقته الفنية في زرع الرعب في قلوب الفرق الكبيرة في مونديال جنوب إفريقيا، وكان السبب في إسعاد أكثر من ثلاثة ملايين ونصف من سكان الأوروغواي الذين لم ينتظروا ما حققه هذا اللاعب، وباعتراف من مدربه أوسكار تاباريز· ديغو فورلان سيحتفل به كما يستحق في قارته نظرا لروعة أدائه وتميزه كما هو الحال بالنسبة للأديب الكبير خوان رولفو، الكاتب والروائي المكسيكي وبيدرو بارامو الذي كان مصدر إلهام لمختلف روائيي أمريكا اللاتينية على غرار ماركيز وأستورياس وكاربتير وبورجيس· لقد كان الجميع ينتظر الأرجنتين والبرازيل، ليبرز الأوروغواي من بعيد من خلال ديغو فورلان ومجموعة من اللاعبين الذين نافسوا الكبار في الميدان· وبعد بروز العديد من كبار كرة القدم، الذين غيروا قدر مثل هذه المنافسات، جاء فورلان ليكمل المسار الذي بدأه الأولون من خلال إمتاعه مئات الملايين من الأشخاص بأدائه المتميز· فورلان هو مزيج من ''باست'' و''كريف''، وهو شخصية خرجت مباشرة من مئة سنة من وحدة الكولومبي غابرييل غارسيا، وماركيز الذي لم تسعه الأرض من السعادة بعد الهدف الذي سجل ضد سوثنبتون، لحد أنه لم يدرك عدم ارتدائه لقميصه لمدة خلال المباراة· إنه أفضل لاعب في العالم لأنه يملك كل ميزات الكبار بأناقته وتمكنه من اللعب برجليه الاثنتين وبتسديداته وبلعبه الرائع حتى بدون كرة، وفورلان يستحق التتويج بعد تتويجه بالذهب في أوروبا سنتي 2005 و.2009