اليوم يسدل الستار على سهرات فضاء ''الجزائر نيوز'' الرمضانية، كيف وجدتم هذه الأمسية التي جمعت شرائح الجزائريين المختلفة في برنامجها الرمضاني المكثف؟ أنا لن أقيّم الطبعة الثانية للبرنامج الرمضاني لفضاء ''الجزائر نيوز''، وإنما أفضل تقييم لها هو شباب هذا الحي الشعبي ، ما داموا احتضنوا هذه المبادرة وباتوا حماة لها، فهذا هو النجاح الباهر، أقول هذا لأن هؤلاء الشباب هم من استقبلني في أول مرة جئت فيها إلى الحي بحثا عن الفضاء، وقاموا بتأمين مكان لسيارتي في الوقت الذي يعاني أبناء الحي من إيجاد أمكنة لسياراتهم ورافقوني إلى عين المكان، وعندما خرجت في ساعة متأخرة من الليل وجدت مجموعة أخرى فقاموا بسؤالي إن كانت عندي سيارة حتى يقوموا بإيصالي للمنزل، وهنا لابد من طرح سؤال مهم، لما يفعل شباب الحي كل هذا؟ والإجابة واضحة لأن هذا الفضاء بات فضاءهم، ولذلك يحاولون حمايته· وهنا أقول علينا استخلاص الدرس والتوقف عن الحديث السطحي واتهام الشباب بالعنف واللامبالاة··· وغيرها من الاتهامات المجانية، لأن هؤلاء نفسهم الشباب الذين احتضنوا مبادرة ''الجزائر نيوز'' ووطدوا معه العلاقة عندما فهموا وأحسوا أن هذا المكان فتح لصالحهم وليس ضدهم أو لفئة مختلفة عنهم، ولهذا على كل الفضاءات العمومية أن تفتح أبوابها على أساس هذه القاعدة. كنت معنا في أكثر من سهرة، ما الميزة التي جذبتك لتكرار التجربة أكثر من مرة؟ الميزة هي الانفتاح الكبير الذي يملكه الفضاء، وعدم وجود قيود على الأفكار، ربما كثير من الفنانين يصعب عليهم الوصول إلى الفضاءات العمومية بسبب الضغط أو الإجراءات الإدارية المعقدة·· لكن هذا الفضاء هو من يذهب إلى المبدعين ويشجعهم على طرح مبادراتهم وهذا أمر غاية في الأهمية، وهذا دور نخبوي بمعنى الكلمة، لأننا دائما نقول أن السلطات العمومية والإدارة ليس دورها أن تقوم بالفعل الثقافي وهذا في اعتقادي خطأ، دور الإدارة الحقيقي هو مرافقة الفعل الثقافي بالتشجيع والسهر على سيره في أحسن الظروف، خصوصا تلك المبادرات التي رسخت وتقبلها المجتمع وباتت تقليدا ولابد من دعمها ماديا ومعنويا. ألا تعتقدون أن أي دعم من أية جهة كانت ربما يفقد هكذا فضاءات استقلاليتها وانفتاحها على كل الأصعدة والأفكار؟ عندما تكون المبادرة والمشرفون عليها يعملون بدون توجهات معينة ويضعون خدمة الفكر والثقافة هدفهم الوحيد، فالحصول على الإعانات ليس عيبا ولن يغير مسار توجهاتهم لأنه في الأخير هذه النفقات هي حق للمجتمع وللمبدعين. مبادرة ''الجزائر نيوز'' في فتح فضاء للفكر والثقافة جاءت من مؤسسة إعلامية تحولت إلى وسيط بين المبدعين والمجتمع، ألا يمكن لغير الإعلاميين أن يلعبوا هذا الدور لتوثيق وإثراء هذه العلاقة من خلال تعدد الفضاءات؟ الأخ احميدة العياشي أحس بالفراغ الموجود في هذا المجال، وهذا في الحقيقة هو دور كان على جمعيات المجتمع المدني أن تلعبه، ولكن لأن هذا الفراغ اتسع، كان على المثقفين والإعلاميين أمثال مدير ''الجزائر نيوز'' الإسراع بالمبادرة لتقليص هذا الفراغ، في البلدان التي تنشط فيها الجمعيات وتقوم الأحزاب بدورها التوعوي تكون الصحافة مجرد مرافق لنشر أخبار هذه النشاطات والتحسيس لصالحها، لكن عندنا أصبحت الصحافة تتحمل عبئا ثقيلا منذ دخولنا عهد التعددية ودفعت ثمن الحريات السياسية والحريات العامة·· وكانت دائما قدوة للحركات السياسية وقدوة للحركات الاجتماعية وكذا حقوق الإنسان·· وغيرها من الأمور الحيوية، وها هي اليوم تقوم بخدمات لصالح الفكر والثقافة والمجتمع في نفس الوقت، ولهذا أقول أنه إذا كتب تاريخ هذه المرحلة بموضوعية لابد أن ينصف الصحافة الجزائرية.