تقول الحكاية (الحكاية غير الرسمية) بأن محمد أركون الذي تشبّع بالفكر الحداثي المنتمي لحقوق الإنسان والمشرئب للحرية والديمقراطية، بأنه حينما عاد آخر مرة للجزائر، اجتمع ذات مساء خريفي رائق في قريته النائية مع أفراد (ثاجماعت - الجماعة) لمناقشة بعض الأمور التي تتعلق بأحوال الحياة هناك ··· وحينما جاء دوره بدأ بالحديث إلى من كانوا ينتظرون كلماته، فأخبرهم بأنه غير راض عن الظروف المجحفة التي تعيش فيها نساء القرية· تحدّث بصوت واضح معلنا استياءه فيما يتعلق بتلك الأعمال الشاقة الموكلة - بقوة العادات والتقاليد - إلى تلك الأمهات والأخوات والزوجات، في حمل الأثقال والتكفل بجلب الماء من فجاج عميقة على ظهورهن والقيام بشتى الأعمال الأخرى التي تقهرهن وتنزل بآدميتهن إلى الحضيض· تقول الحكاية (الحكاية غير الرسمية طبعا) بأن أفراد (ثاجماعت) تفاجؤوا بذلك الخطاب الغريب عنهم ولم تعجبهم تلك الدعوة الصريحة لتحرير نساء القرية / العالم، فوصفوه بالدخيل الذي يحاول زعزعة استقرار الوضع، بل إن أحدهم حاول الاعتداء عليه جسديا بالصفع!!! عند ذلك الحدّ، تقول الحكاية، قرّر محمد أركون مغادرة القرية نهائيا وعدم العودة إليها تحت أي سبب من الأسباب ··· ماتت والدته ولم يعد· ماتت القرية في نظره، ومات كل من فيها منذ تلك اللحظة ولم يعد مجديا حسبه محاولة إنعاش ميت تأخر دفنه· في الغرب دفن غصته وغربته ··· عاش للفكر الحرّ وللسجال المعرفي المثمر المبني على البحث المضني· صنع لنفسه حياة أخرى بعيدا عن التعنت والتعصب والإقصاء· هكذا تقول الحكاية وهي في كثير أو قليل، تكشف أسباب ''الوصية!''