في مقاله المنشور أول أمس على صفحات ''الجزائر نيوز''، تمنى الكاتب عبد الناصر خلاف أن يُفتح نقاش بخصوص ما كتبه الصديق احميدة عياشي عن ''كاتب ياسين الآخر''، في سلسلة مقالاته التي تؤرخ لتلك التجربة والتي تابعتها باهتمام، وما أثار انتباهي أكثر هو نقله لشهادة الروائي رشيد بوجدرة، تحدث فيها عن بداية تجربة كاتب ياسين في المسرح الجهوي لبلعباس· ومن منطلق أني كنت شاهدا مباشرا على ما حدث فإن لي وجهة نظر مختلفة تماما ورواية أخرى لما حدث· كنا ساعتها في نهاية سنة 1977 حيث كنت ضمن فرقة ''النشاط المسرحي للعمال'' التي كان يشرف عليها كاتب ياسين وكانت تحت وصاية وزارة العمل في عهد الوزير الأسبق معزوزي، وعندما حدث تغيير وزاري في تلك السنة توقفت الإعانة المالية للفرقة يوم 31 ديسمبر ,1977 وبقينا عدة أشهر في مقر الفرقة في الطابق تحت الأرض في حي باب الوادي بالجزائر العاصمة دون أن نتلقى أجرا، قبل أن نخلي المكان ونبقى بلا ميزانية ولا مقر· وفي ذات السنة (1978) طلب وزير الإعلام والثقافة حينها رضا مالك أن يلتقي كاتب ياسين ومن هنا جاء اقتراح تحويل الفرقة (النشاط المسرحي للعمال) إلى المسرح الجهوي لسيدي بلعباس والذي انبثق عن المسرح الجهوي لوهران وكان عبارة عن قاعة عرض تابعة لمسرح بلعباس، دون أن يستقل عنه ماليا وقد حدث ذلك بعد سنتين· وأعود هنا إلى ما قاله رشيد بوجدرة (حسب شهادة ناصر خلاف) الذي أراه مجانبا للحقيقة التاريخية· وعلى عكس ما قاله بوجدرة فإن مشكل السكن لم يكن مطروحا، وأن كاتب ياسين إستلم سكنا وظيفيا تابعا للبلدية في منطقة سيدي لحسن (حوالي 4 كيلومتر عن وسط مدينة بلعباس)، والمسرح لم يكن يتوفر على سكن في ذات البناية إطلاقا كما نقل عن بوجدرة· ولما انتقلت الفرقة للسكن في منطقة تانيرة (24 كيلومتر عن وسط مدينة بلعباس)، إختار كاتب ياسين أن يبقى قريبا من الفرقة، بالفعل أعاد تسليم مفاتيح السكن الوظيفي في منطقة سيدي لحسن إلى البلدية وأقام بين أفراد الفرقة في تانيرة، ثم أن الروائي رشيد بوجدرة قال أن كاتب ياسين كان يتمتع بنفس الامتيازات التي كان يتمتع بها مدير المسرح الوطني من ميزانية وسيارة وسائق خاص وغير ذلك وهذا أيضا مناف للحقيقة التاريخية، فقد بقي المسرح الوطني لمدينة سيدي بلعباس مرتبطا ماليا بالمسرح الوطني لمدينة وهران لمدة سنتين كاملتين· ولن أدخل هنا في حكم رشيد بوجدرة على مسرح كاتب ياسين الذي وصفه بالدعائي والسيئ، فهو حر في أحكامه لكنه ليس حرا في تغيير الوقائع التاريخية التي كانت مختلفة تماما عما رواه حول تجربة مسرح ''النشاط الوطني للعمال'' التي تحولت إلى المسرح الجهوي لبلعباس والتي كنت شاهدا عليها بحكم انتمائي إليها·