كتبت وكالة الأنباء الفرنسية أمس خبرا، غريبا، بخصوص منطقة الساحل، على لسان وزير الدفاع الفرنسي ارفيه موران، مفاده أن هناك ''تعاونا استخباراتيا مع أصدقائنا الجزائريين الذين يظهرون استنفارا اقصى في مكافحة الإرهاب''· وقال وزير الخارجية برنارد كوشنير ليلة تصريح وزير الدفاع، ''إن فرنسا تبحث عن قناة اتصال مع أفراد القاعدة في الساحل من أجل التوصل إلى حل''· المتأمل في الطرحين يدرك الخلل وعدم التوازن الموجود بين الموقف الجزائري والتصريحات الفرنسية· فالجزائر قالت من الرئيس إلى الوزير مرورا بأجهزة الأمن بأنها لن تقبل تدخلا أجنبيا في منطقة الساحل وأن الدول الإفريقية وعلى رأسها دول المنطقة قادرة على وضع حد للقاعدة في الساحل الصحراوي، ما يعني أنها لن تنخرط في أي مسعى للحل الأمني بالمنطقة إذا كان تحت إشراف أجنبي···وبالتالي كيف يمكن قراءة تصريح وزير الدفاع الفرنسي المتحدث عن تعاون استخباراتي··إن هذا الأخير ظاهريا يطعن في الموقف الجزائري بشكل غير دبلوماسي ويضع الجزائر في إحراج كبير من حيث تمسكها بالموقف، ولا يمكن وصف الأمر إلا بالمناورة الفرنسية الجديدة، واستباق الجزائر لحملها على الإنخراط في اطار النظرة الأمنية الفرنسية، وهذا إن كان يبدو تصريحا عاديا لسلطة فرنسية، فلا يبدو من الجانب الجزائري إلا ''اتهاما وتلفيقا وافتراء'' لأنه لا توجد أي هيئة في الجزائر أعلنت تنسيقا أو تعاونا مع الفرنسيين لأن موقفها كان دائما رفض التدخل الأجنبي في المنطقة· أما تصريحات كوشنير فأدهى وأمرّ، إنها عرض فرنسي على المباشر بربط الاتصال أو البحث عمن يربط فرنسا الرسمية بفلول القاعدة بالساحل للبحث عن حل· وهي بالتالي تضمر سياسة غير تلك التي أعلنها وزير الدفاع تتجاوز التعاون والتنسيق غير المعلن من طرف الجزائر، فهي بعد نفيها لدفع الفدية وتعاملها مع القاعدة سريا، هاهي تتجاوز حسب تصريحات كوشنير حكومات دول المنطقة، وتطلب قناة اتصال مع القاعدة للتوصل إلى حل بينهما، ما يعني أن القاعدة تريد حمل فرنسا على التفاوض معها مباشرة و على أن ترتقي بنفسها إلى مستوى ''الندية'' مع فرنسا، إن لم تكن فعلت، بسبب هذه التصريحات الفرنسية الخطيرة التي تعترف بطريقة غير مباشرة بأن القاعدة أصبحت جزءا من الساحل يمكن التوصل معه إلى حل، وهذه أقصى درجات الخطورة التي يمكن أن يصل إليها الوضع في المنطقة، لأنه وضع يسمح برسم خريطة الموازين فيها··