قدم، الدكتور محمد بشير بويجرة، في كتابه الصادر حديثا عن دار المعرفة، محنة التأويل وزخم المرجع وفتنة الوقع قراءة في أوديسا الصحراء ''تللك المحبة''، بحثا، درس من خلاله معمار رواية الكاتب الجزائري الحبيب السائح من نص روائي إشكالي على غرار نصوصه السابقة واللاحقة· الدكتور يويجرة، أستاذ الأدب والنقد بجامعة وهران، يقول في معرض الحديث عن هذه الدراسة ''حاولت، وأنا أقرأ نص تلك المحبة أن أجمع بين تتبع الأحداث والتيمات وبين الإغواء اللغوي، فعجزت دون ذلك، حتى تباينت اللغة عن المضمون من حيث التقدير المنهجي فقط، وإلا، فسيظلان متلازمين من حيث الوقع الجمالي والانبهار السحري بأجواء النص ومفاجآته ومخبآته حين كنت لا أستقر على اقتناص متعة حتى تغزلني وتعاكسني غواية أخرى بإصرار وعزيمة وتحت سطوة مشهيات اللغة ومكائدها بدءً من العنوان تلك المحبة''. ويضيف الباحث على صعيد آخر، قائلا ''يبدو لي أن أهم ما يميز هذا النص هو دسامة الخطاب اللغوي وحدة شفراته اللغوية التي تكتسح أمامها كل جفوة طبع أو بلادة حس أو خساسة ذوق، بل نجدها قادرة على التوغل كيفما شاءت، وتتعمق أينما أرادت في ذائقة القارئ حتى تتملكه من الجذر الوجداني، فيقع منبهرا متفاجئا من هول ما يقرأ ومن عجب ما لا يعرف''· ويتوقف الباحث عند رصد أهم ميزات هذا النص عند المحاجات القوية بين الأيقونيتين الدينيتين في محاولة كل منهما الانتصار لعقيدته وأيديولوجيته؛ شارحا بقوله ''محاجة أرمزت إلى إمكانية إنجاز حوار رفيع المستوى لصالح الإنسانية وفكرها المستنير''، ويستدل على ما يذهب إليه، من رأي، بجملة من منجز الجبيب السائح الروائي، موضوع الدراسة الذي يقول فيه ''تمتزج فيه تسابيح الطيور، كلمات مما قاله الخلق في المحبة والعشق والفناء في الحق···''· رواية ''تلك المحبة''، كان حسب كثيرين، كتابا لعشق الصحراء أو نشيدا استثنائيا بلغة الملاحم يقول لحظة تجل عند كاتب لطالما كانت الصحراء ملاذا لا مهرب منه إلا إليه، ولا غرو، فقد قال الحبيب السائح، ذات لقاء ''لي مع مدينة أدرار قصة عشق، لا تختلف عن قصة الشيخ بن لكبير معها، فأنا أكن، ليس فقط التقدير، وإنما الحنين العميق والدائم لتلك المدينة المحبة والحاضنة''· وقال، في معرض حديث آخر، ''تلك المحبة نص ذو بعد لغوي وإنشائي واستعاري، وتيماتي يربك نسق القراءة السائدة· وهو نص يطرد من مجال فضائه الحيوي تلك النصوص التي تخونها فحولة الكلمات''· جدير بالذكر أن الروائي الحبيب السائح من مواليد ,1950 تخرّج من جامعة وهران (ليسانس آداب ودراسات ما بعد التخرّج)، إشتغل بالتّدريس، وساهم في الصحافة الجزائرية والعربية· غادر الجزائر سنة 1994 متّجها إلى تونس حيث أقام بها نصف سنة، قبل أن يشدّ الرّحال إلى المغرب الأقصى، ثم عاد، بعد ذلك، إلى الجزائر، ليتفرّغ منذ سنوات للإبداع الأدبي قصة ورواية. صدر له: القرار، مجموعة قصصية، سوريا 1979 / الصعود نحو الأسفل: مجموعة قصصية، الجزائر ,1981 زمن النمرود: رواية، الجزائر ,1985 ذاك الحنين: رواية، الجزائر، البهية تتزيّن لجلادها: مجموعة قصصية، سوريا ,2000 تماسخت: رواية، دار القصبة، الجزائر، تلك المحبّة، الجزائر ,2003 الموت بالتّقسيط: قصص، إتحاد الكتاب الجزائريين ,2000 ترجمت له إلى الفرنسية، ذاك الحنين، وتماسخت·