لماذا تنظيم ملتقيات دولية حول العنف الممارس ضد النساء في هذا الوقت بالذات، هل لتزايد العنف ضد النساء، وهذا ما سجلته الأرقام الرسمية المصرح بها، أم لأن الدولة الجزائرية قد عجزت رغم استراتيجيتها الوطنية للعنف الممارس ضد النساء'' وكذا قوانينها الرادعة، عن احتواء الظاهرة، أم لأن هذه النشاطات تنظم داخل الاستيراجية الوطنية ذاتها'' حتى تعطي مصداقية أقوى للنشاط، أم أنها أعمال تكاملية غير خاضعة للتخطيط· ملتقى دولي أول ينظم بوهران، موضوعه التحرش في الوسط المهني تحت عنوان ''من الوسط العائلي إلى الوسط المهني·· حالات التحرش''، ينظمه مركز البحث في الأنثربولوجيا الاجتماعية والثقافية لوهران·· وهو لقاء علمي سيحضره خبراء متعددي الاختصاصات من الجزائر وفرنسا وتونس والمغرب وسوريا، وسيعمل بإشراف فرقتين للبحث تابعتان لنفس المركز، وهما لجنة ''الأسرة والتربية'' والصحة العقلية'' ولجنة ''المقاربات المنهجية للتكفل بالعنف النفسي في الوسط المهني''· المنظمون أشاروا في ديباجة الدعوة إلى الهدف المتوخى من الملتقى، الذي يكمن -حسبهم- في تسليط الضوء وفق نظرة متعددة الاختصاصات، على مفهوم التحرش وآثاره على الجانبين الإنساني والاقتصادي، وكذا على نوعية الأجواء السائدة داخل المؤسسة والعائلة·· من وجهة نظري المتواضعة، فإن الملتقى سيبقى ملتقى خبراء، محصورا بين عبقريات المختصين، وفيه إيجابية المبادرة والمحاورة، لكنه لن تجد توصياته أي صدى فعال، إذا لم يتعرّض إلى كيفية معالجة ظاهرة التحرش، وستبقى نتائجه قاصرة، حتى وإن كنا نحيي هذه المبادرات التي تريد أن تفجر جدار الصمت في أوساط العمل خاصة، ما لم يطالب بتكسير هذا الجدار رسميا، بمراجعة شاملة لقانوني العمل والعقوبات·· لأن ما سبق تعديله من قانون العقوبات من أجل تجريم التحرش، الذي كان بمبادرة من مناضلات عاملات نقابيات (فرع المرأة في الاتحاد العام للعمال الجزائريين)، وبدعم طبعا من الجمعيات النسائية، لم يعد يفي بحل المشكل، لأنه مازال قاصرا عن تأدية مهامه، لعجزه عن توريط المتحرش، بسبب عدم قدرة المادة على حماية الشهود المفروض أن يساعدوا على تحقيق العدالة، ومعاقبة هذه الممارسة في الوسط العمالي ذاته·· الملتقى الثاني سينظم في 25 نوفمبر 2010 بالجزائر العاصمة، ويتمحور موضوعه حول، عنف القوانين رغم تعديلها، وذلك من خلال قراءة قانونية لكل ما جاء في هذه القوانين من مواد عقابية تجرم العنف بكل أشكاله، والعمل على المطالبة بسد الفراغ القانوني فيها، مع اقتراح طبعا قوانين جديدة تجرّم العنف الموجه ضد النساء، بما في ذلك العمل على سن قانون لحماية الأسرة كلها، ضد أي معنف من أفرادها، حماية وتماسكا لكل أفرادها، ويسهر على تنظيم هذا الملتقى مجموعة من النساء المناضلات والإعلاميات والباحثات·· لماذا ينظم على مستوى دولي، القصد من ذلك، سواء في وهران أو في العاصمة، هو الاستفادة من تجارب النساء في البلدان الشقيقة والصديقة في معالجة هذه الظاهرة، والخروج بتضامن دولي لمحاربة داء مازال ينتهك حرمة المرأة، ويهز كيانها ويحد من دمجها في مسار التنمية الوطنية·· ويسيء إلى مواطنتها التي فرضتها ميدانيا انطلاقا من النصوص الدستورية للدولة الجزائرية·