إذا كان التونسي محمد البوعزيزي هو مفجر الثورة التونسية الجديدة، عندما تلقى صفعة من شرطية وأحرق نفسه في سيدي بوزيد، فأتت ناره على عرش زين العابدين بن علي في قصر قرطاج. فإن مفجّر الثورة المصرية الحالية هو خالد سعيد الذي توفي قبله بأشهر عديدة لكن ثورته جاءت بعد ثورة البوعزيزي. وربما ما يجمع الرمزان الملهمان للثورة التونسية والثورة المصرية، هو وجود عناصر الشرطة، ولئن كانت شرطية تونسية ''اكتفت'' بصفع البوعزيزي، فإن بعض ''زملائها'' في مصر ذهبوا بعيدا عندما اقتحموا مقهى الأنترنت في الإسكندرية في جوان ,2010 وألقوا القبض على الشاب خالد سعيد، وعذبوه حتى الموت، عندما كشف عن تورط بعض أفراد الشرطة في تجارة المخدرات. والثورة المصرية الحالية التي اتخذت من ميدان التحرير بوسط القاهرة مركزا لها، فهي انطلقت بالأساس من شبكة الفيسبوك وبالتحديد من صفحة ''كلنا خالد سعيد''، التي ''أسسها مجهولون''، والتي تشير بعض المصادر الصحفية إلى أن مؤسسها هو وائل غنيم مدير تسويق بشركة غوغل العالمية هو مؤسسها الفعلي، وقد اختفى هذا الشاب منذ الأيام الأولى لتفجير الثورة المصرية الحالية. لقد بدأت الدعوة إلى ''يوم غضب'' موافق ل 25 جانفي الماضي، بمناسبة العيد الرسمي للشرطة في مصر، مباشرة بعد تحقيق الثورة التونسية أهم أهدافها وهو هروب بن علي، لكن معظم المراقبين الذين لم يشهدوا ثورة مصرية بهذا الحجم، توقعوا أن يكون مصير هذه الحركة كمصير حركة 6 أفريل 2008 في أحسن الأحوال. وبينت الحقائق أن كل تلك التوقعات كانت خاطئة، وتسونامي الثورة كان أكبر من كل المخططات الرسمية في عرقلتها، ورغم أن مبارك أعلن أنه لن يترشح إلا أن لعنة خالد سعيد تنذره بمصير لا يختلف عن مصير بن علي.