قدر الثورة أن تنتصر.. وأن يتقزم أمام هديرها الجبار كل الطغاة العتاة.. قدر الثورة أن تكون هكذا.. روح الشعب الضاجة بالغضب والحبلى بالآمال كلها.. آمال الحرية والغد الجديد.. المصريون فعلوها في سبع عشرة يوما والتوانسة في شهر.. علّموا العالم درسا جديدا.. وأضافوا إلى علم السوسيولوجيا مفهوما جديدا للثورة.. مع هذين الشعبين لم تعد الثورة هي الكفاح المسلح العنيف.. لم تعد ساحة الثورة هي الجبال وحرب الشوارع والعمليات الانتحارية والتفجيرات والبيانات وحرب الجواسيس.. والتوانسة والمصريون علّمونا مفهوما جديدا للثورة يصنعها الناس في الشوارع وفي الساحات.. ثورة سلمية ومسالمة لها مطلب واحد (الشعب يريد إسقاط النظام). قدر الثورة أن تنتصر.. وأن تمد نورها في الآفاق.. وهي دائما تنتصر منذ ثورة سبارتاكوس إلى كل الثورات المنتظرة في الجزء المظلم من كوكبنا.. المصريون أشعلوا ثورتهم بأجمل ما تكون الثورات.. أمام كل القمع والرصاص والبلطجة انتزعوا اعتراف الدنيا كلها.. وأنا قلت لكم في مقام آخر أن البركة في الشباب.. اتركوهم يقودون الحياة فسيرونكم العجب العجاب.. أما الكبار فرجاء تنحوا جانبا.. أمريكا فهمت الحكاية فجعلت رئيسها شابا يقود العالم.. أما نحن العرب فما زال يحكمنا العجائز المرضى بالسرطان والسكري والخرف وعقدة الرئاسة مدى الحياة. قدر الثورة أن تنتصر.. وقدر الشعوب المقهورة أن تركل بقدمها المكينة الطغاة.. وأن تكسر بيدها الرهيبة الأنظمة الفاسدة.. والعام الجديد 2011 كان العام الفاصل في تحول العالم نحو أنظمة أكثر تحررا وأكثر حرية.. لا تستهينوا بشعوبكم يا من تبقى من طغاة دوركم آت لا محالة ستزلزل إرادة الشعب عروشكم وستخرجون من أضيق الأبواب. قدر الثورة أن تنتصر.. وقد انتصرت في تونس وانتصرت في مصر وستنتصر في كل مكان.. العالم تغير فعلا صدقوني.. والحروب القادمة ستغير تكنيكها.. وإن بقيت الحرب غريزة أولى في الإنسان كما يقول محمود درويش.. وثورة التوانسة والمصريين علمتنا أن الثورة لا تحتاج إلى الحرب كي تنتصر.. إنها تحتاج إلى إرادة الشعب.. وتحتاج إلى الصبر.. وتحتاج إلى الإصرار.. وتحتاج إلى الموسيقى.. وتحتاج إلى الغناء.. وتحتاج إلى الجمال.