تتسابق دور النشر القاهرية مع الزمن (هذه الأيام) من أجل توثيق تاريخ ''ثورة 25 يناير'' التي حررت البلاد من حكم ديكتاتوري دام ستة عقود، وبالرغم من أن انتصار الثورة لم يمض عليه سوى ثلاثة أسابيع، فإن أكثر من ثلاثة كتب ''توثق التجربة'' قد صدرت بالفعل من هذه الأدوار، بجانب شرائط وثائقية كثيرة أعدها بعض المهتمين بالأفلام الوثائقية. أسرار وخفايا الثورة.. في كتاب أولى ثمرات المطابع عن هذه التجربة التاريخية الفريدة، كان إصدار ''أسرار وخفايا ثورة الشباب'' للكاتب الصحفي عبد الفتاح، الذي حاول من خلاله أن يقدم توثيقا للثورة التي قادها الشباب والتف حولها وشارك فيها كل الشعب المصري بمختلف شرائحه وفئاته. وعبر عنوان جانبي في غلاف الإصدار يعتبر عبد الفتاح أن يوم 25 يناير 2011 ''يوم لن تنساه مصر''. وبالرغم من أن الكتاب يعتمد في الأساس على تدوين ''يوميات الثورة كما عاشها الصحفي في تجربته المهنية والسياسية في آن واحد''، فهو في الوقت ذاته يحاول أن يقف عند بعض ''الأسرار'' التي عاصرت هذه الثورة وأحاطت بها، ويكشف الخطط السرية التي اعتمد عليها الثوار لخداع رجال الأمن والنظام، سواء عبر الإعلان عن مواقع ''مضللة'' عبر الفيس بوك والتجمع في مواقع أخرى يتم التفاهم حولها عبر رسائل الجوال، أو غيرها من الخدع التي نجح ''الشباب'' في تمريرها على ''مباحث أمن الدولة''. كما تتناول فصول من الكتاب قصص وملابسات استشهاد عدد كبير من ''الثوار'' سواء تلك التي عايشها أو جمعها كشهادات من الذين كانوا بالموقع. ويعتمد في سرد هذه القصص على بعض الجوانب الشخصية والذاتية للشهداء من خلال الاتصال بذويهم وعائلاتهم. هذا الإصدار لا يتوقف عند ''التدوين'' ليوميات ''الثورة'' بل يذهب إلى ربطها بالتداعيات التي أحدثتها، حيث يسرد قصة الأيام الأخيرة للرئيس السابق محمد حسني مبارك في الحكم، والساعات التي سبقت خطاب التنحي وحقيقة ما نشب من خلافات بين أسرة مبارك (خاصة الأخويين جمال وعلاء) وذلك اعتمادا على طريقة القصص الصحفية. وفي فصل آخر خصصه للمقالات ''المهمة'' التي كتبت حول الثورة، ينشر الكاتب مقالاً لكاتب إسرائيلي هو ''يوني بنمناحم'' تنبأ خلاله بسقوط مبارك ونظامه، وكيف توقعت الصحف الأمريكية تكرار سيناريو تونس والرئيس زين العابدين بن علي... وغيرها من الأسرار. كما ضم القسم ذاته مقالا للكاتب المصري الكبير محمد حسنين هيكل عن أسبوع عبور المصريين لعصر الشعوب الحرة (الذي نشر في الصحافة المصرية). وفي فقرة تالية خصصها الكاتب لمتابعة الثورة ''عبر عيون الصحافة الأجنبية'' يورد الكاتب تفاعلت الصحافة الأمريكية، حيث ينقل كيف توقعت ''نيوزويك'' الأمريكية نجاح الثورة، وما ذكرته صحيفة ''نيويورك تايمز'' على صدر صفحتها الأولى أثناء الثورة من أن النظام المصري يواجه نوعاً جديداً من المعارضة غير المعتادة بطلها الشباب الغاضب الذي سئم من ضيق العيش وانتشار الفساد والقمع والفقر. وعن أسباب وعوامل النجاح يكشف الكاتب ''الأخطاء التسعة القاتلة التي ارتكبها الرئيس السابق مبارك كما يراها ''بليك هاونسيل'' في مجلة ''فورينبوليسي''. كما ضم الكتاب عدداً من المقالات لكتاب مصريين وعرب حول هذه الثورة، سواء في أيامها الأولى أو بعد خطاب تنحي الرئيس السابق مبارك. ويقول عبد الفتاح ''إن هدفه من وراء إعداد الكتاب كان التوثيق لهذا الحدث التاريخي العظيم في حياة مصر والشعب المصري، وأنه لم يقدم فيه تحليلاً أو قراءة لهذه الثورة بقدر ما كان حريصاً على أن يجمع بين دفتي كتاب توثيقاً أميناً لأحداث ويوميات الثورة، وذلك من خلال ما نشرته الصحف، وما شاهدته وعايشته شخصيا''. كيف تفجرت الثورة.. محاولة للفهم التقني من دار الهيئة المصرية العامة للكتاب، صدر أيضا أول كتاب تقني يتحدث عن الثورة في المكتبة العربية بعنوان ''كيف تفجرت الثورة في 25 يناير.. الفيسبوك وأدوات التكنولوجيا الثورية'' للمؤلف محمد سيد ريان، وهو ناشط إلكتروني. وتأتي أهمية الكتاب كون المؤلف يعمل في مجال البرمجة، وهو أحد الناشطين على الفيسبوك، وبالتالي فهو يقرب الفكرة أكثر عن كيفيات استخدام التكنولوجيا في الفعل الثوري، معتمدا على هذه التجربة، ويعد الإصدار دعوة صريحة للمبرمجين الإلكترونيين ليدرسوا ما حدث بعناية، ويجعلوه نموذجا في تعاطيهم المستقبلي. ويحاول الكاتب الإجابة على جميع الإشكاليات المتعلقة بالتكنولوجيا الشبكية، ومواقع التواصل الاجتماعي على الأنترنت وفي مقدمتها الفيسبوك - تويتر... الخ. وبالتالي فهو كتاب يرتكز أساسا على التقنيات المستخدمة في صناعة وتنفيذ مثل هذه الأحداث، وليكون بذلك أول مؤلف تقني في المكتبة العربية عن التأثير الهائل للتكنولوجيا، والمجموعات الإخبارية، والشبكات الاجتماعية، وفي مقدمتها الفيسبوك في إشعال الثورات. ويعرض بشكل مفصل التقنيات المستخدمة لتسويق الأفكار الثورية كالبروفايل والجروبات والصفحات الشخصية والرسمية وكذلك ال (RSS). ومن أهم النقاط التي طرحها الكتاب ما يسمى بطبقة الثورة، وهي الطبقة التي خرج من عباءتها الأفراد الذين نادوا بالثورة وأنجزوا لها الكثير في بدايتها قبل تحوّلها إلى ثورة شعبية. ويؤرخ الكتاب لتاريخ الثورات، فقديمًا كانت طبقة الثورة هم التجار أو العلماء أو العسكريين؛ بينما كانت طبقة الثورة في 25 يناير هم الشباب المهتمين بالكمبيوتر، والأنترنت، والمبرمجين، والمطورين، والمتخصصين في التسويق الإلكتروني، ويبدو دور هذه الفئة في ما يمكن أن نسميه ''تثوير التكنولوجيا'' أي استخدام التكنولوجيا كأداة للثورة والتغيير، وذلك وفقًا لما أطلق عليه المؤلف التكنولوجيا الثورية. ولعل من أهم الأفكار التي تنبأ بها الكتاب في ضوء الأحداث الأخيرة هو ظهور ما يمكن أن نسميهم ''المبرمجين الأحرار''، وهم الفئة التي من المتوقع لها أن تكون بمثابة المحرك الرئيسي للثورات القادمة، التي ستتخذ من أدوات التكنولوجيا وبرمجة الكمبيوتر وتطوير بيئة الأنترنت سبيلا وطريقا نحو التغيير والثورة في بلاط صاحب الجلالة الفيسبوك. وينقسم الكتاب إلى 9 فصول، وجاءت عناوين الفصول كالتالي: الفصل الأول بعنوان من كان يتوقع أن يثور السلبيون ومدمنو الأنترنت؟، الفصل الثاني المجتمع المدني الإلكتروني، الفصل الثالث ديمقراطية الأنترنت والإعلام الجديد، الفصل الرابع الأنترنت من الشبكات المعلوماتية إلى الشبكات الاجتماعية، الفصل الخامس الأنترنت والسياسة، الفصل السادس من الثورة التكنولوجية إلى التكنولوجيا الثورية، الفصل السابع التسويق الإلكتروني والإعلان الاجتماعي، الفصل الثامن استثمار البطل، الفصل التاسع طبقة الثورات القادمة: المبرمجون الأحرار وتثوير التكنولوجيا.