غدا موعد الدور الثاني من انتخابات الكونتونات الفرنسية· موعد ينتظر أن يتأكد فيه تصاعد شعبية الجبهة الوطنية اليمينية المتطرفة، كما يتأكد فيه تراجع حزب الأغلبية الحاكمة إلى أدنى مستوياته منذ وصول نيكولا ساركوزي إلى الرئاسة· ولم يناد مسؤولو الحزب الحاكم بعد انتهاء الدور الأول إلى التصويت لصالح الاشتراكيين في الكونتونات التي يتصارعون فيها مع مرشحي الجبهة الوطنية·· والسبب أن ساركوزي وأصحابه يأملون انتزاع بعض أصوات اللوبانيين في الانتخابات الرئاسية للعام القادم· إنهم يتوددون إليهم ليقنعوهم أنهم لا يختلفون عنهم في المسائل المتعلقة بالهجرة والإسلام والجنسية على الأقل· وقد تأكد الآن أن التعديلات الحكومية التي قام بها ساركوزي إنما الغرض منها توجيه سياسة الحكومة في هذا الاتجاه بشكل أكبر مما فعلته التشكيلة السابقة· ويبدو أن وزير الداخلية الجديد، كلود غيون، مكلف، أكثر من غيره، بالإعلان عن هذه السياسة وتطبيقها على أرض الواقع، وهو المستشار الذي يقف وراء الأفكار الساركوزية منذ أكثر من تسع سنوات· وفعلا بدأ هذا الرجل حملته بالمزايدة على مارين لوبان ضد الإسلام والمسلمين· وبدل الاهتمام بمشكلات الأمن والبطالة والتضخم وغلاء الأسعار، لم يجد ساركوزي وغيون شيئا يحدثون به الفرنسيين سوى إثارة مسائل تتعلق بما يدل عليه لباس هذا وذاك في انتمائه إلى هذا الدين وذاك، والمقصود طبعا: الدين الإسلامي، والكيفية التي يعيش بها المسلمون الفرنسيون إسلامهم·· ليس للمرأة المسلمة أن ترتدي اللباس الذي ترى أنه يناسب معتقدها·· ونعرف أن الحكومة شرعت في ذلك قانونا يعاقب المسلمات اللاتي يرتدين نقابا في المناطق العامة، وهو قانون لوباني بامتياز· ويأتي اليوم وزير الداخلية ليزايد على هذه اللوبانية القانونية ليزيد عليها منع كل ما من شأنه الدلالة على تفرد ديني في المستشفيات، ومنه أنه ليس للمرأة المسلمة أن ترفض عرض جسدها على أطباء من جنس الرجال في أكثر الاختصاصات المتعلقة بأمراض النساء· وفي ميدان آخر يقول مهندس السياسية الساركوزية: إنه يفخر بأن يكون الرئيس الفرنسي هو من يحمل راية الحملة الصليبية على ليبيا· ورغم ما أثارته هذه العبارة من جدال، حتى داخل اليمين الحاكم، لم يتورع الرجل عن التأكيد على أنه يقصد ما يقول، وأن عبارة الحملة الصليبية في مكانها الصحيح وأنه لا يتراجع عنها· وهو بطبيعة الحال يوجه كلامه لناخبي الجبهة الوطنية ولسان حاله يقول: انظروا، أنا منكم وأنتم مني، ما الفرق بين ساركوزي وبين جون ماري لوبان وابنته؟ وإذا كنتم قد وضعتم ثقتكم فينا في الرئاسيات الأخيرة فإننا نقدرها وسنعمل على صيانتها في الرئاسيات القادمة·· لوبان أو ساركوزي شيء واحد·· والحلف بينهما في الدور الثاني، إذا وصلتم أو وصلنا، إنما هو الحلف الطبيعي··