أثار مسلسل ''الحسن والحسين'' جدلا إعلاميا كبيرا قبل عرضه، وحتى قبل التعرف على مستواه، لا لسبب إلا لكونه دخل دائرة التحليل والتحريم من باب تناوله لشخصيات إشكالية بين السنة والشيعة· أولى إشكالات هذا المسلسل هو تجسيده لشخصيات مقدسة مثل الحسن والحسين ولدا علي بن أبي طالب رضي الله عنهم، كما يجسد أيضا شخصية الصحابي الزبير بن العوام أحد المبشرين بالجنة· ولم تتردد مؤسسة جامع الأزهر في تحريم ومنع عرض المسلسل على القنوات المصرية، لكن الأمر بدا مختلفا هذه المرة عما حدث في السنين السابقة، عندما كانت أحكام المؤسسة الدينية الرسمية إلزامية ولا يمكن نقاشها، فقد تغيّرت المعطيات بعد نجاح ثورة 25 يناير (جانفي) في إسقاط رأس النظام، ووجدت بعض القنوات الفضائية المصرية غير ملزمة بقرار الأزهر، وقررت أن تبث المسلسل على غرار قنوات ''التحرير'' و''الحياة'' و''النهار'' وغيرها· لكن الملاحظ هو أن حجج أصحاب تلك القنوات لم تخرج عن المنطق الديني الذي اعتمده الأزهر، ويتمثل حسب بعضهم في أن المسلسل مرفق بإجازة ل ''مشايخ السنة والشيعة'' وأن الداعية الكويتي طارق السويدان قد حصل على إجازة من مختلف المشايخ، ومن هنا فإنه لا داعي للاستجابة لاعتراض مؤسسة الأزهر· لكن ما تجرأت عليه القنوات الفضائية الخاصة في مصر لم تفعله في النهاية القنوات المصرية التابعة للقطاع العام والتي رضخت أخيرا لمشيعة المؤسسة الدينية، استنادا لقرار مجمع البحوث الإسلامية الذي أكد عن طريق أمينه العام الشيخ علي عبد الباقي أنه راسل وزير الإعلام المصري الذي يكون قد أمر بمنع العرض على القنوات الرسمية، على عكس القنوات الخاصة التي لم تعد للمؤسسات الرسمية بما فيها الوزارة وصاية عليها· ويحدث هذا مع أن المسلسل المعني (الحسن والحسين) ليس مصريا وإنما هو إنتاج مشترك بين عدة دول هي سوريا والمغرب والأردن ولبنان والإمارات العربية المتحدة، ويتقاسم بطولته عدد كبير من الفنانين منهم النجم السوري رشيد عساف في دور معاوية بن أبي سفيان، وعلاء القاسم الذي يجسد شخصية عبد الله بن الزبير، ورامى وهبة ويلعب شخصية يزيد بن معاوية، وتاج حيدر في دور زينب بنت علي بن أبي طالب، والفنان السوري طلعت حمدي في دور الزبير بن العوام، وخالد مغويري في دور الحسن، ومحمد المجالي في دور الحسين، وهما اللذان أثارا الجدل أكثر من غيرهما· فهما يجسدان شخصيتان رئيسيتان في الخلاف بين السنة والشيعة، فإن تم تناولهما من وجهة نظر الشيعية أغضب ذلك رموز السنة، وإن تناولهما أي عمل من وجهة نظر السنة لم يقبل بذلك رموز الشيعة· ومع تأكيد منتجي العمل على أن التناول جاء حياديا، فيبدو أن الحرب على المسلسل ستأتي من الجانبين، وهو ما يرشحه لأن ينال حظا كبيرا من الدعاية التي ستخدمه في النهاية من ناحية الانتشار بغض النظر عن مستواه الفني·