فتحت الروائية علوية صبح وزميلها رشيد الضعيف من لبنان، النقاش مساء الجمعة الماضي، على حضور الجسد في النص الروائي العربي، وقالا أن لجوء الكاتب إلى تفاصيل الجسد ليس الهدف منه حسي محض بقدر ما هو جسر للوصول إلى معاني اجتماعية ونفسية وأخلاقية، ومعرفة حقيقة الشخصية الروائية· واتفق المحاضران أن العرب عرفوا الوصف الجسدي منذ زمن، بعيدا عن الحرج والجدل الذي تسجله الساحة اليوم· ------------------------------------------------------------------------ تقول علوية صبح أن ظهور الجسد في الرواية قائم، بطريقة أو بأخرى، سواء كان حضوره ايجابيا أم سلبيا، وبالتالي فهو ليس موضوعا ذهنيا، بل ملتصق بالشخصية الروائية، قصد فهم علاقتها بذاتها وبالآخر· ذلك أن الجسد يكشف كل ما هو حسي ونفسي واجتماعي، وهو لا يحظر في المتن ليعرف نفسه فقط، بل ليعرف عن الشخصية، وزمنها وعمرها وصداقاتها، إلى غير ذلك من الأبعاد الكاشفة، وتضيف صبح قائلة ''الجسد لا يعني الجنس فقط''· كما سعت صاحبة ''اسمه الغرام''، إلى التأكيد على أن المرأة العربية تكتب بدافع التخلص من السلطة الذكورية، لهذا تطمح دائما إلى إبراز الجسد، كوسيلة للتحدي وفرض الذات، ومجابهة للمؤسسة الاجتماعية والدينية ''الرجل كتب تحت سلطة الذكورية أما المرأة فكتبت تحت مظلمة السلطة الدينية والاجتماعية والسياسية·· لهذا فعلاقة المرأة بجسدها منطقة مجهولة''· استرسلت مؤلفة ''دنيا'' في تبرير لجوئها إلى الجسد لقول الأفكار، دون الإشارة إلى الدوافع الأخرى التي يمكن للكاتبة، أن تستعين بها بعيدا عن جغرافية الجسد، معتبرة نصوصها ''جرأة استعادت بها حق القول'' وليس ''جرأة رد فعل'' فقط، أو بمعنى آخر ترى أن ''الجرأة على القول ليس هدفها الثأر من الرجل أو المجتمع''، منتقدة في السياق ذاته من يكتبن دون بناء فني· فضل الروائي رشيد الضعيف، من جهته، أن يعود إلى التاريخ القديم للرواة والأدباء، وما تناقلته الكتب من نصوص احتوت على مضامين جريئة، كان الجسد حاضرا فيها بكل تفاصيله وجغرافيته، فكانت تلك الروايات ''خارجة عن الدين''، مثلما روي عن الأخطل الكبير، وقصص العديدة مع الملوك، على غرار قصته مع الملك ابن مروان، وأخرى نقلها الأسفهاني في كتبه· يقول الضعيف ''لا يهمني أن تكون هذه الأخبار صحيحة أم لا، لكنها نقلت منذ 1300 سنة، دون أن يحذفها الناسخ، وتناقلها الناس قرون متتالية، لم يكن هناك مانع من ذكر أعضاء الجسد···''· في المقابل، يشعر الناشر العربي اليوم، بواجب حذف كل ما قد يفهم في غير محله، أو مخافة فقد قارئ محتمل ''الناشر يرفض اليوم الكتابات غير الفصيحة، وهذا الخفر من ذكر رغبات الجسد، ساد في النصف الثاني من عصر النهضة، حيث سادت نصوص معقمة من كل قول دنس، مثل روايات جبران خليل جبران، ووهيكل وغيرهما''، يوضح الكاتب المعروف بكونه شخص متحرر من قيود الرقابة وداعية للشفافية والتفكير في كل أمور الحياة· ويشير ضيف صالون الجزائر للكتاب، في ذات السياق، إلى ما يدعى ب ''الأدب الرسولي'' الذي ساد في عصر النهضة وكان يميز الشعراء خصوصا، في وقت كانت فيه الأيديولوجيات طاغية· استعرض رشيد الضعيف، نماذج من نصوصه الروائية مثل ''تطفل ميرل ستريب'' (2001) و''أوكي مع السلامة'' (2008)، وقال عنهما ''في رواياتي أتوقف كثيرا عند العلاقة الجسدية مع ما يستدعي ذلك في وصف·· لتنكشف فيها المفاهيم، كتصور الرجل لذاته ولشريكه، وإظهار التضاد بين التصورين·· اعتقد أنها لحظات ضرورية''، يعلق خاتما·