تحاليل في ظل الأزمة الإقتصادية التي تواجهها أغلب الدول الأوروبية وعلى رأسها إسبانيا، فليس هناك مجال أو بالأحرى خيارات بديلة عن سياسة ''الملاينة'' والتقارب مع دول المغرب العربي، خاصة من الجانب الإسباني الذي بدأ منذ فترة وقبل أن تنفجر قنبلة الأزمة الإقتصادية، النظر والتمعن في سبل اقتحام السوق الجزائرية، ورفع الإستثمار في مختلف القطاعات، لكن قضية مراجعة فك الخناق عن سياسة منح التأشيرة من الجانب الإسباني لمواطني المغرب العربي، أولهم الجزائري، باتت كذلك من بين المقترحات المتداولة على صعيد التجارة، والإقتصاد وحتى قطاع السياحة الذي أرهقته الأزمة المالية، فشبح بقاء السائح المغاربي في أوروبا وتحوله إلى حراف بمجرد حوزته على تأشيرة تمكنه دخول فضاء دول الإتحاد الأوربي، تراجع منذ فترة قصيرة لعدة أسباب، وعلى رأسها انتشار البطالة وفقدان الأمل في سن قوانين جديدة تخص تسوية حالة المهاجريين المتواجدين في حالة سرية، ولا نربط ذلك باستمرار وصول بعض المهاجرين السريين إلى السواحل الإسبانية· كما هو معلوم، فإن ''البزناسي'' الجزائري كان قد ساهم إلى حد بعيد في نهوض مناطق تجارية في إسبانيا، وعلى رأسها مدينتا أليكانت وبرشلونة، خلال الأعوام الأخيرة، وتجارته المجهرية من خلال اقتناء مختلف السلع ونقلها عبر ميناء أليكانت أو مطار برشلونة إلى الجزائر، وهذا النشاط التجاري كان قد أدر أرباحه على الجانبين، وهذا بشهادة التجار الصغار الذين التقيناهم في العديد من المرات في أليكانت أو برشلونة وحتى التجار الإسبان الذين صاروا يتعاملون بالتقسيط مع تجار الجزائر بضمان الكلمة فقط· فاليوم وأمام تراجع عدد السياح في إسبانيا بنسبة 7,11 بالمائة خلال منتصف هذا العام، نتساءل إن كانت السلطات الرسمية الإسبانية قد تخضع إلى ضغط السوق وتفتح حصصا أوفر من التأشيرات الممنوحة على مستوى قنصلياتها في المغرب العربي وأولها الجزائر، ولعل النهوض السياحي والتجاري في بعض مناطق إسبانيا ستهب رياحه من الجنوب، رغم أن هناك تخوفا وترددا من الجانب الإسباني فيما يتعلق بتوسيع حصة التأشيرة التي تمنح للسائح أو رجل الأعمال الجزائري وعواقب ذلك؟ هذه التأشيرة التي أقرتها الحكومة الإسبانية منذ تاريخ 15 ماي 1991 نتيجة الأوضاع السياسية و الأمنية التي كانت تشهدها الجزائر في تلك الفترة، وليست فقط إسبانيا التي اتخذت هذا الإجراء الخاص بل دول أخرى أوروبية وأولها فرنسا، ولحد الساعة على مستوى بروتوكول المعاملة الثنائية بالمثل، قررت الجزائروإسبانيا عام 2007 إلغاء التاشيرة التي كانت مفروضة على المسؤولين الحاملين لجواز سفر دبلوماسي الذين يتنقلون بين البلدين لمدة تصل إلى 90 يوما· المهم دراسة إستراتيجية جديدة لتمكين السائح ورجل الأعمال الجزائري من دخول إسبانيا أمر من شأنه أن يطرح على مستوى العلاقات الدبلوماسية الجزائرية - الإسبانية في وقت قريب وعاجل، حتى وإن قُدم من الطرف الإسباني الذي يعاني إقتصاده تراجعا رهيبا، نتيجة الأزمة الإقتصادية العالمية وهذا ما أثر بالسلب في تراجع عدد السياح الوافدين إلى التراب الإسباني، خاصة الحاملين منهم الجنسية الألمانية والبريطانية بسبب الأزمة، فالجزائري، كما يقال، يعيش أزمة مالية وإقتصادية عميقة، ويبدو أنها لا تؤثر عليه مقارنة بدول أخرى، فطبيعة المواطن الجزائري إستهلاكية· وعلى جانب آخر، يبقى تخوف الحكومة الإسبانية من بقاء نسبة هائلة من السياح الجزائريين الحاملين للفيزا بمجرد دخولهم التراب الإسباني، وتشير إحصائيات بأن نحو 80 بالمائة من السياح الجزائريين الحاملين للفيزا الفرنسية قد توجهوا إلى إسبانيا للعيش بطريقة غير شرعية، لا نعلم صحة هذه النسبة، غير أنها يمكن أن تكون قريبة من الحقيقة·