تنظر محكمة الجنايات بمجلس قضاء الجزائر العاصمة، اليوم، في قضية الدكتور النفساني والخبير في مجال مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة بن زيان نور الدين المتابع بجناية ''التعامل مع دولة أجنبية من شأنه الإضرار بمصالح الدولة''، بعد أن تأجلت في 11 ديسمبر الماضي بسبب غياب دفاع المتهم· وكان المتهم بن زيان نور الدين قد تم وقيفه في ماي ,2007 أياما قليلة بعد عودته من المملكة المغربية، حيث شارك في ملتقى علمي مع مختصين في علم النفس، بحث الآثار النفسية التي يتركها الإرهاب في الدول التي يضربها، بعد الاشتباه في علاقته بجهات استخباراتية أجنبية وسفارات عدد من الدول بالجزائر، من بينها روسيا وقطر الأمر الذي جعل قاضي التحقيق يوجه له تهمة ''الانتماء إلى شبكة تجسس أجنبية''· وتعود حيثيات القضية إلى مطلع 2005 حين ترأس بن زيان وفدا طبيا متكونا من 38 خبيرا نفسانيا من مختلف الجنسيات ماعدا الدول العربية، إلى العراق بهدف وضع خطة للتكفل النفسي بالأطفال المصدومين جراء الحرب على العراق، بمبادرة من الرابطة الدولية للممارسين النفسانيين، تحت إشراف المفوضية الأممية· وحسب قرار الإحالة، فإن بن زيان اكتشف وهو بمحافظة الموصل معسكرا للانتحاريين من جنسيات مختلفة، وقد اعترف أثناء التحقيق أنه علم أنهم كانوا مكلفين بالقيام بعمليات انتحارية خارج العراق· كما اعترف أنه، خلال ''تواجده بثكنة بريطانية بمنطقة البصرة، عثر على خمسة رعايا من جنسية روسية كانوا محتجزين هناك وأنهم طلبوا منه إغاثتهم وإخبار ذويهم عن مكان تواجدهم ومنحوه أغراضهم الشخصية وبعض الوثائق''· وحينما عاد إلى الجزائر ''اتصل بالسفير الروسي ومنحه هذه المعلومات حول الرعايا الروس المحتجزين بالعراق''، مقابل ''مليون أورو''، يقول ''إنه لم يتحصل عليه· كما اعترف المتهم أنه ''وجه مراسلات لعدة سفارات أجنبية بالجزائر جمع بشأنها معلومات من معسكرات التدريب تخص استهداف الجماعات الإرهابية المسلحة لها بتفجيرات انتحارية، على رأسها السفارة الكندية والفرنسية والإسبانية والبريطانية والقطرية بالجزائر''· وأضاف المتهم -كما جاء في قرار الإحالة- أنه تلقى ردا واحدا فقط من السفارة القطرية بالجزائر التي أبدت ''اهتماما'' بالموضوع واتصل بالسفير القطري غير أنه ألقي عليه القبض عليه فور خروجه من السفارة القطرية· وقد تعرض بن زيان، رفقة ستة أطباء من أعضاء البعثة، إلى محاولة اغتيال، عندما كان بمستشفى الجزائر بمنطقة الموصل، حيث شنت جماعة مسلحة هجوما على المستشفى قتل فيه الكثير من الأشخاص وأصيب هو بجروح على مستوى القدم، وأجلي عن طريق طائرة هليكوبتر بعد تدخل القوات الأمريكية، ونقل إلى مستشفى اليرموك للعلاج· وحسب دفاع بن زيان المحامي عبد الرحيم بوحنة، فإن موكله وجه رسالة إلى الرئيس بوتفليقة القاضي الأول في البلاد يناشده فيها التدخل، مؤكدا أن موكله كان فعلا على اتصال بسفارات بعض الدول وببعض المنظمات المهتمة بنشاط الإرهاب، ''لكنه لم يكشف أي سر من أسرار الدولة الجزائرية حتى يتهم بالجوسسة ضد بلده، ثم إنه لا يملك أي سر أصلا حتى يكشف عنه، وأن كل ما في القضية أن الدكتور بن زيان جمع معطيات كثيرة ودقيقة عن تطور نشاط الجماعات المسلحة في العراق، عندما كان يؤدي مهمته في إطار رعاية المتضررين من الإرهاب نفسيا، وقادته استنتاجاته إلى أن دولا معينة ستكون هدفا وشيكا للإرهاب وعلى أيدي جهاديين يوجدون بالعراق ينحدرون من هذه الدول، فبادر إلى الاتصال بجهات أمنية في هذه الدول وزار ممثلياتها الدبلوماسية بالجزائر، وحذّر مسؤوليها من خطر محتمل ستتعرض له بلدانهم''· للإشارة، فإن بن زيان كان قد تحصل، من هيئة أميركية متخصصة في الجريمة المنظمة، جائزة عن بحوثه وهو في السجن· كما حصل على 17 جائزة دولية، منها الجائزة الأولى للدورة 56 للمركز الدولي للدراسات المعمقة في العلوم النفسية بهلسنكي بفنلندا التي راسله بشأنها رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة، و جائزة المجلس الآسيوي لترقية البحث بماليزيا في 2004 والجائزة الأولى لرابطة الممارسين النفسانيين بطوكيو·