جدد السفير الفرنسي كزافيي دريانكور، لدى حلوله ضيفا على فضاء ''ألف نيوز ونيوز''، مساء أمس بمقر ''الجزائر نيوز''، احترامه لخصوصية احتفالات الجزائر بالذكرى الخمسين لاستقلالها، قائلا إنه لبناء صداقة فرنسية جزائرية، يجب أن يتجاوز الطرفان ''الصدمة الاستعمارية''، ورافضا في ذات السياق إعطاء أجوبة وافية حول مصير مدفع بابا مرزوق وبقايا أشلاء مقاومة معركة الزعاطشة، مكتفيا بالرد ''ثمة أشياء تنجز في مجال الذاكرة المشتركة، لكن ببطء شديد''· سئل دريانكور، أمس الاثنين، عن مصير بقايا ''المقاومين الجزائريين'' المحتفظ بها في المتحف الوطني للتاريخ الطبيعي بباريس، الواقع على بعد أمتار قليلة من مسجد باريس، والذي يضم في سلسلة معروضاته ''العرقية''، قطعا من أشلاء مقاومين جزائريين انتفضوا ضد الاستعمار الفرنسي، إذ نجد جماجم، رؤوس وأعضاء أخرى محفوظة في أوعية زجاجية على مرأى الزوار· ويتعلق الأمر بجمجمة شريف بوبغلة، الشيخ بوزيان، مختار بن قويدر التيطراوي وموسى الدرقاوي من مقاومة الزعاطشة، فجاء رده مترددا ''يحذر محافظو متاحف فرنسية في المدة الأخيرة من خطورة إعادة بعض المحفوظات التاريخية الموجودة ببعض المتاحف الفرنسية إلى أصحابها، سواء تعلق الأمر بمخطوطات أو جماجم أو بقايا عظام لمقاومين جزائريين، فهذا قد يضر بسلامة تلك الممتلكات''، مضيفا: ''لو فتحنا النقاش في هذا الملف سنخرج من الأدراج ملفات أخرى لا حصر لها، بما فيها إعادة لوحة الجوكندا''· ليضع حدا لإجابته التي لم تقنع الحضور، بمن فيهم إسماعيل بولبينة، عضو اللجنة الوطنية لاسترجاع مدفع بابا مرزوق، الذي طلب من السفير الفرنسي، شرح أسباب صمت السلطات الفرنسية على مراسلات اللجنة، فجاء رد المسؤول الفرنسي ''لم أرد على مراسلتكم الأخيرة، لأنني بدوري لا أملك إجابة وافية ومقنعة لطلبكم، ولأني لم أحصل على رد من الحكومة الفرنسية بهذا الشأن''، تاركا الانطباع أن حل هذا الملف لن يكون قريبا· الأرشيف الجزائري المحفوظ بفرنسا، ما زال بدوره قيد تحفظ جهات هامة، خاصة المصالح العسكرية: ''أعتقد أن الأرشيف مفتوح لمن يريد البحث، وأن المؤسسات الحافظة له، سهلت العملية بإجراءات يسيرة، إلا أنني اعترف أننا لن نحرز تقدما في المسألة إلا بعد وقت طويل''· إلا أن دريانكور دعا إلى تجنب منطق ''التحرشات'' التي قد تلعبها أوساط برلمانية أو غيرها اتجاه الجزائر، طالبا من سائله ألا ينسى خطاب ساركوزي في قسنطينة سنة ,2007 الذي جاء كرد لقانون 2005 الممجد للاستعمار· الذكرى الخمسون لاستقلال الجزائر، في نظر دريانكور، هي ''عرس الجزائريين قبل كل شيء''، واضعا في الاعتبار أن ما حدث في الجزائر ''هو جزء من تاريخ فرنسا أيضا، 132 سنة هي أيضا تاريخ عائلات فرنسية ارتبطت بهذا البلد الجميل''· ولم يخف المتحدث، تفاؤله بالعلاقات الثنائية في شقها الثقافي، مستندا إلى ال 650 معاهدة مبرمة بين الجامعات الفرنسية والجزائرية، وما تفتحه من آفاق في مجال التعليم العالي والبحث العلمي، والتي ستتوج بندوة مشتركة ستنظم بالجزائر في المستقبل القريب، إنشاء المعهد الفرنسي الذي يسجل أعدادا هائلة من الطلبة من كل الولايات، المبادلات الثقافية الرسمية وغير الرسمية خاصة، معلنا في السياق ذاته عن فتح مدرسة ابتدائية دولية شهر سبتمبر المقبل· وعن تعليم اللغة الفرنسية، أبدى السفير ارتياحه بمصيرها: ''الفرنسية هي لغة حية بالنسبة لكم، هي موجودة في حواراتكم ومراسلاتكم العائلية''، في إشارة منه إلى عدم قلقه من منافسة الإنجليزية في منطقة شمال إفريقيا·