عندما اتفقنا مع الزميلة الرائعة والمميزة الإذاعية والقاصة، جميلة طلباوي، من أجل التعاون في إعداد ملف خاص حول الكاتب والسوسيولوجي الراحل، عمار بلحسن، ينشر بالتزامن في ''الأثر'' والمجلة الإلكترونية الثقافية التي تعمل بها ''أصوات الشمال''، في إطار التقليد الجديد الذي بدأه ''الأثر'' منذ فترة حول الاحتفاء بذكرى ميلاد الأسماء الأدبية والفكرية والفنية.. الراحلة، بدل تذكرها في يوم الرحيل.. لم نتوقع هذا الكم الهائل من المادة التي وصلتنا، لأن هذه المبدعة جميلة ''الجميلة''، فاجأتنا بالمواضيع التي كانت تبعثها بإصرار إلى غاية، صباح أمس، بالإضافة إلى أصدقاء ''الأثر'' الذين عاتبونا على ضيق الوقت الذي لم يسعفهم للمشاركة ووعدونا بمادة حول بلحسن في الأيام المقبلة، وهو الأمر الذي انتهى بنا أمام باب مكتب رئيس تحرير ''الجزائر نيوز'' لطلب صفحات إضافية للتمكن من إصدار الجزء الأكبر من المادة التي جمعناها احتفاء بعيد ميلاد الراحل، الذي كان أمس.. والحقيقة عمار بلحسن يبقى من بين أكثر الراحلين الذين لابد من الاحتفاء بميلادهم دائما وأبدا، لأنه بأسئلته الاستشرافية وقّع آلة الزمن رهن إشارة عقله وتراكمه المعرفي ليستشف المستقبل.. لذلك بلحسن هو ميلاد الفكرة المتجددة فينا، ورغم أن النسيان المقنن ''نسيان المسؤولين والمشرفين على الثقافة عبر عشريتين من الزمن'' الذي طاله.. لكن هذا النسيان لم يقدر على محوه أو زحزحة عرشه المعرفي في ذاكرة مختلف الأجيال الجزائرية، التي قرر عدد منها، اليوم، أن يداوي ذلك النسيان بترياق المحبة ليقتلع سمومه بنفحة الكتابة والحديث عن هذه القامة الأدبية والسوسيولوجية التي علمت كبريق الماس في تاريخ الجزائر الفكري والأدبي، بفتح أبواب الأسئلة المغلقة بالعقل حول العمران البشري وتأثير المسألة التاريخية واستنطاق الراهن واستشراف المستقبل.. وعمق الهو في مطب الازدواجية اللغوية وتأثيره على الثقافة والهوية الوطنية.. وغيرها، كل هذا وأكثر يجعل الاحتفاء بعيد ميلاد بلحسن هو احتفاء بالعقل، بالنقد، بالفكرة المتجددة فينا.. كل هذا يجعل النسيان أو ''التناسي'' المنتهج في حقه بلا معنى في وجود أشخاص كجميلة طلباوي التي طرقت كل الأبواب لإنجاح هذا الملف، ومحمد بن زيان الذي فتح أبواب روحه المشيدة دائما بكل ذلك الحب الذي يسكنه، ومحمد عاطف بريكي الذي منحنا بالإضافة إلى موضوعه الصورة التي نسخها الفنان محمد جلال بيده.. وكل الذين كتبوا وتعبوا للمساهمة في إنجاز هذا العدد الخاص بعمار بلحسن، وطبعا على رأسهم السيدة فاطنة بلحسن التي فتحت لنا خزانة ذكرياتها وسمحت لنا بنشر الصور الخاصة بزوجها الراحل وعائلتها وأصدقائهم، التي تصدر لأول مرة في الإعلام.. لكل هؤلاء أقول شكرا لكم، أنتم الترياق الذي سيقضي بالحب على الفكر الإقصائي الذي يحاول أن يختفي حول النسيان الخبيث لعمار بلحسن ..