بعد أن قررت لجنة مكافحة الفساد مطالبة النواب والأميار بالتصريح بممتلكاتهم قبل الرحيل تساءل حماري اللعين عن رد فعل هؤلاء كيف سيكون وكيف سيقبلون هذا الأمر، هل بصدر رحب لرجال أمضوا مدة في خدمة بلدهم أم بهلع وخوف يؤكد أنهم خدموا مصالحهم وزودوا رصيدهم وممتلكاتهم؟ قلت له بسخرية شديدة: وهل تظن أن السارق يقول سرقت، وهل من أفسد يقول أفسدت، كلهم يعرفون طرق التحايل والأكيد أن كل ما أخذوه ليس مسجلا باسمهم، بل بأسماء أخرى لا تخطر على بال· قال ناهقا: وهذا شكل آخر من أشكال الفساد الذي استفحل وضرب أطنابه في الأرض، تصور أنت أن يعيش الفرد في خليط من الحيلة والكذب واللامبالاة والاستيلاء على مال الغير؟ قلت: لا تبالغ يا حماري، ليس كل البشر شياطين ويمكن أن يكون كل كلامك مجرد كذب وافتراء، ألا يوجد من هو وطني، يخاف على بلده ويخدمها بروحه و عقله؟ قال ساخرا: لست أدري ولكن المؤكد أن ما تطلعنا به الأخبار هو نماذج لبشر مفسدون في الأرض، لا يتأخرون لحظة عن تلبية أطماعهم· قلت: يقول أبو حامد الغزالي أن النفس إذا لم تمنع بعض المباحات طمعت في المحظورات وهذا ما يحدث بالضبط عندنا، أباحوا كل شيء· قال و هو يتمتم بداخله: تأكد أن هذه اللجنة التي قرت الإطلاع على أرصدة هؤلاء النواب والأميار لن تسجل أي اعتراض أو مخالفة فيما بعد، لأن الجميع يقرأ حذره وكل هذا الكلام مجرد ضحك على الشعب· قلت: كان من المفروض أن يكون هؤلاء هم حماة حقوق الشعب لا سُراقه ولكن كيف تطلب شيئا من شخص لا يمتلكه؟ قال: بدأت أيأس كل شيء يبين أن الضباب هو سيد الموقف ونحن نستمر في الحياة على الهامش دون حقوق ودون واجبات وهذا يتأكد يوميا من تصرفات السلطة· اندهشت لكلامه وقلت: سبحان الله يبدو أنك لا تعي ما تقول، السلطة تريد محاسبة هؤلاء وأنت تندب حظك؟ نهق نهيق مخيفا وقال: ''اللي قاريه الذيب حافظو السلوقي'' وكل هذه الألاعيب مكشوفة·