حينما تتمشى في الشوارع وتحاصرك أيدي المتسولين، لا تملك سوى أن تقول سبحان الله·· وتمد يدك إلى جيبك الفارغ وأنت تتصدق ببعض الدنانير، والشك يتوجس بك والسؤال يكاد يخنقك·· هل، فعلا، هذا الشخص محتاج أم أنه يرتدي قناع المحتاجين في زمن أصبح القناع هو الوجه الأول للبشر·· تابعت، وحماري، سيرنا في شوارع المدينة التي أصبحت تنام بالصباح وتصحو بالليل·· إنه رمضان·· شهر قلب اللوز والزلابية والدبزة والنرفزة من نقص الدخان والشمة·· قال حماري·· الحمد لله·· أنا حمار متزن، لا أدخن ولا أشم، ولا أدمن شيئا يجعلني عبدا له في يوم من الأيام·· قلت له·· الغاشي الذي تراه لا يستطيع كتم غيضه إلا بسيجارة أو فنجان قهوة سوداء مثل سواد الأيام·· تنهدت، بعمق شديد، وأنا أعبر شارع حسيبة بن بوعلي·· المرأة ذات العينان الزرقاوان·· وإبنها·· يفترشان الأرض·· وأيديهما ممدودة·· حائرة·· صحت في حماري·· هيا أنظر·· أليس هذا هو الشعب الذي قال عنه أحد الوزراء أنه شعب غني·· وقال أنه يستجم في تونس صيفا·· ويغسل عظامه في الحرم الشريف·· من معاصي الصيف؟؟؟ نهق حماري عاليا، وقال·· سامحك الله·· مازلت تذكر للوزير كلامه·· هو، في حد ذاته، قد نسي تصريحاته·· ألا تعرف أن هذه الحكومة قراراتها وكلامها وأفعالها مثل الزبدة تسيح ·· إذا ماطلع النهار·· فعلا، كلامك صحيح أيها الحمار·· نحن نعيش في بلد تسيره حكومة الزبدة والمارغارين·· هذا نصيبنا·· إعتلى، صوت المؤذن، كل السماء·· دخلت للصلاة·· سألعن الشيطان·· ألعن الفقر·· وألعن، أيضا، حكومة المارغارين··