لم تمض 48 ساعة عن اجتماع مجلس السلم والأمن الإفريقي بالعاصمة المالية بماكو لدراسة الوضع في منطقة الساحل، حتى كان انقلاب عسكري على نظام أمادو توماني توري، ليفتح الأبواب مشرعة على مستقبل مجهول للبلاد التي ما انفكت تشتعل نيران الحرب بين جيشها النظامي وتوارق شمال مالي (الحركة الوطنية لتحرير أزواد)· الانقلاب العسكري الذي وقعه النقيب أمادو هايا سانوجو، أول أمس الخميس، أعاد كل الأمور إلى نقطة الصفر، بدءا بنسف كل ما تم الاتفاق عليه من أجل الوصول إلى حل يكفل إحلال السلم ويضمن الوحدة الترابية لدولة مالي، ووصولا إلى تقويض الإستراتيجية الإقليمية التي تبنتها دول الميدان لمكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة العابرة للأوطان في منطقة الساحل· ففي الشمال أعلنت الحركة الوطنية لتحرير أزواد، على موقعها على الانترنت، أن الانقلاب على نظام أمادو توماني توري لن يوقف ''هجومها'' في شمال مالي، وأنها ''ستواصل هجومها لطرد الجيش المالي وإدارته من كافة مدن أزواد''، مؤكدة -على لسان مسؤولها الإعلامي باكاي اغ حمد احمد- أن ''الانقلاب العسكري في مالي لا يغير في شيء تحرك الحركة الوطنية لتحرير أزواد التي تدافع عن تقرير المصير في أزواد بلا شروط وعن استقلالها عن مالي''، معتبرة أن تمرد العسكر الماليين كان بسبب ''هزيمتهم في ازواد''، محذرة هؤلاء العسكريين ''من المساس بالمدنيين المنحدرين من أزواد المقيمين في مالي''· ولا يستبعد أن يتفاقم الوضع على الحدود مع الجزائر، بالنظر إلى التدفق الهائل للاجئين الماليين نحو الجزائر فرارا من جحيم الحرب الطاحنة هناك، في وقت اضطرت الجزائر إلى غلق حدودها لاعتبارات أمنية، وجمدت تعاونها العسكري مع مالي، كما جمدت رحلات تحمل مساعدات إنسانية انطلقت منذ أيام، وكان يفترض أن تتواصل لأسابيع، مما سيعقد من الوضع الإنساني هناك، خاصة وأن الأرقام التي قدمتها الأممالمتحدة تتحدث عن تهجير حوالي 130 ألف شخص، منذ بدء المواجهات في منتصف جانفي الماضي، 30 ألف منهم فروا إلى التراب الجزائري·