·· سيكون للسيدات: نزيهة وسليمة وعادلة دور هام، إلى جانب شفافة وآمنة موثوق في تأطيرها ونظامها وسبل مجرياتها المادية، قد تساعد على المشاركة والمرونة والانسياب في الوصول إلى ذلك الصندوق الساحر العجيب الشفاف، ذلك الصندوق الذي من خلاله تحدد السياسة العامة لمنظومة الحكم في مختلف الأقطار التي تؤمن بالإصلاحات السياسية والديمقراطية والتداول على السلطة وممارستها بطريقة سلمية بعيدة عن تلك الممارسات التي حتمتها أو فرضتها المنظومة القطبية الشرقية الممركزة لمختلف الاستحقاقات والانتخابات الحزبية والنقابية الشعبية المحسوم نتائجها مسبقا، والتي تعتبر السبب المباشر في غياب ثقافة الانتخابات لعقد زمنية طويلة، مازالت رواسبها عالقة في ذاكرة القاعدة الشعبية الواسعة التي تعود فيها المسؤولية إلى الأحزاب السياسية التي أفرزها دستور ..1989 مارس شهر الشهداء والنصر تحظى أيامه ببشائر الخير والاحتفالات التاريخية بالذكرى الخمسين لاسترجاع السيادة الوطنية (1962) بتقديم حصيلة حسابية وتثمين إنجازات جيل الاستقلال من أجداد وآباء وأبناء وأحفاد، في مختلف المجالات والتوجهات الاقتصادية والثقافية والسياسية، هذه الأخيرة التي تعتبر الآلية الأساسية والمدخل المحوري لجميع الاستراتيجيات الإصلاحية المتعلقة بالتغيير أو بالقطيعة، من أجل بناء الديمقراطية وترسيخ العدالة الاجتماعية واحترام الحريات الفردية والجماعية وفق قوانين وتشريعات المنظومة العولمية الدولية، تلك الإصلاحات التي لا تتم إلا عن طريق التحضير الجيد والتكوين السليم لثقافة التغيير أو ثقافة القطيعة والابتعاد التدريجي المشرف عن شرعية الأنظمة السابقة التي مرّ بها أو عرفها جيل الاستقلال وما ترتب عنها من ترسبات فكرية متفاوتة التأثير، كالاشتراكية والليبرالية والمذهبية الدينية التي أفقدت وازع الفكر السياسي الوطني، أثره وتطوره وتوازنه، ردحا من الزمن، بعيدا عن تلك التحولات الفكرية والمعلوماتية والدراسات المخبرية للأنظمة السياسية لدول وشعوب وأمم المعمورة، منذ نهاية الألفية الثانية، التي أصبح فيها العالم قرية صغيرة يحكمها صديق الجميع العم سام الداعي إلى النموذج الأمريكي في الديمقراطية وحقوق الإنسان والحرية الفردية، والتي لا تتحقق إلا عن طريق الانتخابات الشفافة والنزيهة السليمة والمبعرة الآمنة الموثوق بها· الانتخابات الواعدة التي ستجري يوم 10 ماي 2012 بمشاركة ما يتجاوز 90 بالمائة من جيل الاستقلال، الذي سيصنع الحدث التاريخي المميز للألفية الثالثة، بمنطقة المغرب العربي وشمال القارة الإفريقية، والتي سيكون للسيدات: نزيهة وسليمة وعادلة دور هام، إلى جانب شفافة وآمنة موثوق في تأطيرها ونظامها وسبل مجرياتها المادية، قد تساعد على المشاركة والمرونة والانسياب في الوصول إلى ذلك الصندوق الساحر العجيب الشفاف، ذلك الصندوق الذي من خلاله تحدد السياسة العامة لمنظومة الحكم في مختلف الأقطار التي تؤمن بالإصلاحات السياسية والديمقراطية والتداول على السلطة وممارستها بطريقة سلمية بعيدة عن تلك الممارسات التي حتمتها أو فرضتها المنظومة القطبية الشرقية الممركزة لمختلف الاستحقاقات والانتخابات الحزبية والنقابية الشعبية المحسوم نتائجها مسبقا، والتي تعتبر السبب المباشر في غياب ثقافة الانتخابات لعقد زمنية طويلة، مازالت رواسبها عالقة في ذاكرة القاعدة الشعبية الواسعة التي تعود فيها المسؤولية إلى الأحزاب السياسية التي أفرزها دستور 1989 المتضمن التعددية الحزبية التي تميزت بنشر ثقافة، بل ظاهرة التجوال السياسي بين مختلف التشكيلات الحزبية دون العناية بثقة الناخب أو الاهتمام بنشر الفكر الثقافي الديمقراطي والانتخابي بين المناضلين والقاعدة الشعبية المطالبة بالمشاركة الجماعية عند كل موعد انتخابي مصيري (الرئاسية الدستورية البرلمانية···)· الانتخابات التي تعود فكرتها إلى حكم المدينة (روماأثينا) باعتبارها أسلوبا ديمقراطيا حضاريا يمارس الشعب من خلاله سلطته بالمشاركة في إدارة الشأن العام المباشر وغير المباشر (الديمقراطية النيابية) لمن تقدمهم التشكيلات السياسية وترشحهم للتزكية الشعبية من أجل التمثيل في الهيئات والمجالس المنتخبة لتكريس إحدى الديمقراطيات المرغوب فيها (ديمقراطية مباشرة ديمقراطية نيابية ديمقراطية ليبرالية ديمقراطية اشتراكية ديمقراطية شعبية) تحدد على ضوئها التوجهات والاختيارات أو الإصلاحات السياسية لمستقبل العباد والبلاد· تلك العملية الانتخابية التي توسعت وتطورت في أوروبا وأمريكا الشمالية مع بداية القرن السابع عشر الميلادي، حيث بدأ الشعب يفضّل الكفاءات القادرة والمؤهلة لحمل المسؤولية في الهيئات أو المجالس التشريعية عن طريق الانتخاب السري، وهو الأسلوب الذي أصبحت تعمل به مختلف النظم السياسية للدولة الحديثة المحددة لأنماط العلاقات بين الأفراد والجماعات داخل المجتمع الواحد دون تميز عرقي أو ديني أو مهني، أو بين الأغلبية والأقلية أو بين الأشراف والنبلاء والأغيناء وبين الأقنان والعبيد والفقراء، وبذلك أصبح مفهوم الانتخاب النيابي أو التمثيلي أكثر فردية، بل حق إنساني عالمي مطلق غير محدد إلا بشرط الإقامة والعقل وسن الرشد، ذلك الحق الانتخابي أو الواجب الوطني في بعض الدول الذي أقره الإعلان العالمي لحقوق الإنسان عام 1948 في المادة: 21 بأن (لكل فرد الحق في الاشتراك في إدارة الشؤون العامة لبلاده إما مباشرة أو غير مباشرة، وإما بواسطة ممثلين يختارون اختيارا حرا· إن إرادة الشعب هي مصدر سلطة الحكومة ويعبّر عن هذه الإرادة بانتخابات نزيهة دورية تجري على أساس الاقتراع السري وعلى قدم المساواة بين الجميع، أو حسب إجراء مماثل يضمن حرية التصويت)· وغالبا ما تتطلب تلك الانتخابات شروطا أساسية توافقية بين قوائم الأحزاب وأسماء المرشحين وبين القاعدة الشعبية الناخبة كالنزاهة والشفافية والأمن والعدل والثقة السليمة· النزاهة هي كلمة جميلة لها معانٍ كبيرة، تعني احترام ثقافة قوانين الدولة والسهر على حمايتها، كما تعني الوقاية من التزوير والرشوة والفساد وحماية الانتخابات من المشكلات التي تهدد شرعية المكلفين بالأمر، والمعرفة بالأخطاء والمخالفات المترتبة عن العملية الانتخابية· أما الشفافية، فهي أيضا كلمة لها وقعها في الثقافة الانتخابية، كما لها معانٍ مميزة تعني زوال الحجب بين المشاهد وانكشاف الشيء للنظر إليه، كما تعني الوصول إلى المعلومة المطلوبة من الفرد أو الجماعة، وغالبا ما ترتبط الشفافية بالأعمال الإدارية والقضايا القانونية من حيث الوضوح والبساطة التي تساعد على حسن التعامل بين الفاعلين، بحيث تكون تلك التصرفات الوظيفية أو القانونية غير قابلة للتأويل· كما تعني الشفافية في المفهوم الأمريكي، ذلك النموذج المتعلق بالديمقراطية والحرية الفردية وحقوق الإنسان، وأن تكون الانتخابات فيها شفافية تتماشى والتوجهات السياسية العولمية الأمريكية، وليست (130 ألف صندوق من زجاج شفاف حسب ما يصرح به المكلفون من حين لآخر بالداخلية والجماعات المحلية) لشباب التويتر والفايس بوك واليوتوب· تلك الانتخابات الموشحة بالتوأمين (نزيهة شفافة) التي تشكل فيها القوانين الانتخابية المدخل الأساسي لإنجاح المشاركة باعتبارها المرجع المحوري الذي يضمن لجميع الأطراف حق المشاركة المتكافئة لكل المعنيين دون خلل أو تزوير· هذا الهاجس الذي لا تختص به دولة أو حزب أو جماعة سياسية معروفة، بل التزوير ظاهرة سلبية موجودة في معظم الدول المتطورة قبل المتخلفة، إلا أنها تتفاوت في الأساليب والطرق والصيغ والإجراءات التقليدية أو الفنية الحديثة (فنيات تزوير الانتخابات) وغالبا ما يرتبط التزوير بالدول الحديثة لتكريس الديمقراطية للتخلص وفي أسرع وقت من النظام المركزي أو الديكتاتوري الذي كانت تحسم فيه النتائج الانتخابية قبل إجرائها، بتحديد نسبة التزوير الكلي للانتخابات الرئاسية أو الدستورية بنسبة 99 بالمائة أو الجزئي بالنسبة للانتخابات الوطنية أو المحلية 75 بالمائة بتفضيل حزب أو قائمة على أخرى دون إحداث شرخ سياسي قد يترتب عن التلاعب بالأرقام أو الأصوات أثناء عمليات الفرز بالمكاتب والمراكز والدوائر والولاية والوزارة، وكل ما يتعلق بالصناديق والمحاضر ونسب المشاركة والإعلان عن النتائج النهائية غير القابلة للطعن، وهي عملية كثيرا ما يقوم بها أعوان الإدارة المحلية (هياكل الداخلية والجماعات المحلية) خاصة في الأنظمة المركزية الجامعة لكل السلط، التي يركز فيها على نسبة المشاركة بالأرقام لأغراض سياسية تتمثل في التمجيد أو الإذلال· أما منذ النصف الأخير من القرن الماضي، وبحلول الألفية الثالثة، وبفضل التطور المعرفي الثقافي العام وتوسيع دائرة الإعلام والاتصال والوسائل التكنولوجية الإلكترونية الرقمية التي جمعت سكان المعمورة في قرى صغيرة، فرضت عليهم معطيات ومفاهيم خاصة بأشكال الانتخابات الرئاسية والدستورية والبرلمانية، غير تلك التي كانت تمارس ضمن أنظمة القطبية الشرقية، بحيث أصبحت أوصاف شفافة ونزيهة وسلمية وعادلة، وملازمة لكل عملية انتخابية خاضعة لرقابة مجردة صارمة تحكمها آليات قانونية محلية أو دولية، حيث انتقل التزوير من المرحلة التقليدية إلى المرحلة الإلكترونية الرقمية عالية الدقة الخاصة بعمليات الفرز والحساب والمشاركة والنسب المتعلقة بكل ما يخص الناخب (العمر التكوين الأهلية الجنس···) وعلاقة ذلك الجهاز بالرسائل المشفرة والهواتف النقالة والبرمجة التي لا يدركها العقل البشري إلا بعد فوات الأوان، ودور وسائل الإعلام والاتصال خاصة الجماهيري والسمعي البصري وما تتضمنه هي الأخرى من أفكار تحت غطاء التجنيد والتوعية واستمالة الناخبين بتوظيف خطب التهديد وفتاوى الوعيد وبيانات التخويف، إلى جانب ذلك التزوير الفني الذي تقوم به الأحزاب بإقصاء الكفاءات القادرة والنزيهة وتفتيت بعضها بين القوائم والتشكيلات السياسية وتأخير ترتبها لغرض حرمانها من الوصول إلى قبة البرلمان، وبغرض إفشال برامج وأهداف مخططات الدولة وإصلاحاتها السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية وعزوف ونفور القاعدة الشعبية وإحباط نفسيتها عن المشاركة الإيجابية والفعالة في الاستحقاقات السياسية الفاصلة· والجزائر ليست كغيرها من الدول التي عرفت الديمقراطية دون تضحيات، حيث قدم الشعب الجزائري قوافل من شهداء الحرية والواجب الوطني من أجل تحقيق العدالة الاجتماعية وبناء دولة القانون والمؤسسات في ظل الديمقراطية واحترام الإنسان والحريات الخاصة والعامة وتجديد الإصلاح السياسي والتداول على السلطة بالطرق السلمية وعدم المساس بالثوابت الوطنية والمرجعيات التاريخية للأمة، رغم ما مرت به ولعقود غير طويلة من نظام حزبي مركزي بقيادة جبهة التحرير الوطني، الضامنة لنجاح سير الانتخابات بطريقة ديمقراطية نزيهة وشفافة، لكن يعد الحسم القبلي أو البعدي تزويرا سلبا أو إيجابا، من أجل ترسيخ ثقافة الانتخابات وفق المنظومة الاشتراكية للقطبية الشرفية المفروضة أو المحتمة· لكن ومنذ صدور دستور فيفري 1989 الذي فتح فيه المجال للممارسة الديمقراطية المطلقة وما نتج عنها من إيديولوجيات وفوضى سياسية ومذهبية وافدة بسبب الفراغ القانوني والآليات المنظمة للممارسة السياسية في الجزائر الحديثة، أغرقت البلاد والعباد في دوامة العشرية الملونة (السوداء والحمراء) مخلفة ثقافة الرفض الفكري والعدوانية السلوكية والفساد الاقتصادي والتزوير الانتخابي الذي تخصص فيه قادة أحزاب الفضوليين والفاشلين، وتصدره علماء الفتاوى على الهوى، وفقهاء ''الهف'' على الصحف بخطب منبرية نارية وبيانات تخويف وتهديد وتصريحات وعد ووعيد··· وغيرها من الظواهر التي أفرزتها الديمقراطية المطلقة من أحزاب مجهرية ومجموعات سياسية فاشلة تحترف التشكيك وإثارة الفتن وتلفيق التهم بالمؤسسات والإدارات وحتى بالأشخاص النزهاء الفاعلين، بتزوير الانتخابات، وتغيير القوائم وتبديل الصناديق والمحاضر والنتائج قبل إجرائها ومباشرتها بأيام أو شهور بغرض الإفساد السياسي والإحباط النفسي وفقدان الثقة في العملية الانتخابية والممارسة الديمقراطية، كما أفرزت تلك الديمقراطية الفوضوية ظواهر سلبية متفشية في العديد من الأحزاب السياسية الموثقة القريبة من الفاعلية تمثيليا، بفتح مجال الشتم والسباب والتجريح بين شباب وجيل الاستقلال، وإثارة الفتن والنبش في القبور والتنابز بالألقاب في مختلف التجمعات والمهرجانات، وعدم الشعور بالمسؤولية واحترام قوانين الدولة المنظمة للحملة الانتخابية، إلى جانب تغول حزب على آخر بالاستيلاء على المساحات المخصصة للإعلام والإشهار والصور والقوائم، بل بتمزيقها وتلطيخها، والتمادي في ممارسة أساليب التضليل والدعاية المشوشة المفضية إلى الانفلات السياسي وحيرة الناخب في ذلك الصراع المصطنع بين الأحزاب، في غياب البرامج والسياسات البناءة الداعية إلى الإصلاحات والانتقال التدريجي من الشرعية الثورية المباركة إلى الشرعية الدستورية الشعبية الواعدة التي قد تكون فيها الغلبة للأغلبية الصامتة، التي قد تحدث المفاجأة التاريخية البعيدة عن التهريج الانتخابي من أجل الترسيخ الفعلي للممارسة الديمقراطية الشعبية لا شرقية ولا غربية ولا مذهبية وافدة، تلك القفزة الإصلاحية المرتبطة بحصيلة إنجازات الذكرى الخمسين لاسترجاع السيادة الوطنية الملخصة في تلك القراءة السيميائية لخطاب الرئيس المتصوف عبد العزيز بوتفليقة بأرزيو (وهران) بمناسبة إحياء الذكرى المزدوجة لتأميم المحروقات وتأسيس الإتحاد العام للعمال الجزائريين (24 / 02 / 2012) والرسالة الموجهة إلى الأمين العام للمنظمة الوطنية للمجاهدين عشية المؤتمر الحادي عشر للمنظمة (16 / 03 / 2011) والرسالة المتعلقة بمناسبتين الذكرى الخمسين لعيد النصر (19 / 03 / 2012) والملخصة في قراءة متأنية للتقارير السنوية لمؤسسة النزاهة والشفافية الدولية التي ورد فيها: ''ينبغي أن يكون للقانون سلطة على البشر، لا أن يكون للبشر سلطة على القانون'' اللقاء يوم 10 / 05 / 012.''2