شهد المسرح الجهوي لسيدي بلعباس البارحة، آخر الجلسات النقاشية المفتوحة حول آخر عرضين شاركا في المنافسة الرسمية، ويتعلق الأمر بعرضي ''نساء بلا ملامح'' لجمعية ''النوارس'' للبليدة من إخراج ''عباس محمد إسلام''، و''فيزيو شظايا'' لفرقة مسرح الأغواط من إخراج ''هارون آل كيلاني''، وهذا بحضور ممارسين ومهتمين بالشأن المسرحي. والشيء الذي ميز النقاش حول العملين، هو التطرق للهاجس الأخلاقي، ومدى صحة محاكمة الأعمال المسرحية وفق منظومات دينية واجتماعية، حيث دافع ''عباس'' عن عمله، بالقول إنه تطرق إلى مشكل السلطة الذكورية في المجتمع الجزائري، الذي يجرّم الضحية حينما تكون أنثى، ويبرئ المجرم فقط لأنه ذكر، مؤكدا على أنه يجب كسر الطابوهات بالحديث عنها، حيث أن المشاكل تتفاقم حينما لا نواجهها. ومن هذا المنطلق، جاء الاشتغال على مسرحية ''نساء بلا ملامح'' التي تتطرق إلى مشكلة الاغتصاب، وما ينجر عنها من تدمير لحياة الضحايا، اللواتي يتحملن لوحدهن أعباء نظرات المجتمع القاسية التي تحمّلهم ما لا ذنب لهم فيه .في حين رفض ''آل كيلاني'' أن تحتكم الأعمال المسرحية إلى ضوابط أخلاقية، وأضاف إنه مستعد دوما للمغامرة والمجازفة، وخوض تجارب جديدة خارجة عن النمطي والمألوف، حيث أن المسرح الجزائري -حسب ''آل كيلاني'' -يجب أن يخرج عن التنميط الذي عرف به، إلى درجة أن أغلب الأعمال المسرحية أصبحت تتشابه بشكل كبير. وفي سؤال تلقاه ضيفا النقاش عن ظروف تحضير العمل، أجاب ''عباس'' بالقول إن النص قرأه منذ أكثر من عامين، لكنه لم يكن يتوقع أن عملية إخراجه ستعود إليه، موضحا أنه بحصول ''جمعية النوارس'' على الدعم من قبل وزارة الثقافة، تم الاتصال به من قبل العضو ''أحمد مداح''، الذي أسندت إليه العملية الإخراجية، وهنا بدأت عملية إعادة كتابة النص وفق جملة من الشروط المراعية لخصوصية البيئة الجزائرية، حتى لا يصطدم العمل بالجمهور، وتوجه ''إسلام'' بالشكر إلى إدارة ''المسرح الجهوي لبجاية'' التي وفرت له الفضاء للتدريب على العمل، واصفا نفسه بالشخص الذي لا يرد طلبه .أما ''آل كيلاني''، فأجاب عن سؤال تطرق إلى جرأة عمله، ومدى مناسبته للجمهور الجزائري بالقول :''إننا نعاني من انفصام، يجعل الكثيرين يمارسون الكثير من الأفعال المشينة، وحينما نتطرق إلى موضوعات شائكة في أعمالنا المسرحية، يحاكمونا ويصلبونا بحجة تجاوز الأعراف، رغم أننا لا نحاول إلا أن نعكس ما يجري في مجتمعاتنا'' .ورفض ''آل كيلاني'' رؤية البعض بعدم إتمام المخرجين الجزائريين لمسيرة من سبقوهم في الاشتغال على المسرح الشعبي، لأن المسرح هو تجارب، ومن حق كل مسرحي أن يؤسس لتجربته الخاصة.