لم تختلف حكاية ضحية أخرى يدعى ناصر ورغي عن بقية حكايا زملائه، حيث علمنا منه أنه كان يتابع العلاج بمستشفى بني مسوس بمصلحة طب العيون، منذ جويلية 2007 حيث استدعته طبيبة كلفت بمعالجته ووعدته بالشفاء، وهذا من خلال دواء يدعى AVASTIN تم استقدامه من الولاياتالمتحدةالأمريكية وأن الجزائر هي البلد الثالث بعد فرنسا وأمريكا التي جلبته ''معظم المرضى الذين لجأوا إلى المستشفى في تلك الفترة وعددهم 31 مريضا كانوا يعانون من نقص البصر وحاولوا تحسينه، وكما يعلم الجميع توجد ثقة كبيرة بين المريض وطبيبه، وبالتالي لم أحاول الاستفسار عن نوعية الدواء الذي كان يقدم لنا في شكل حقن، وأتذكر أن الحقنة الأولى التي أعطيت لنا لم تمر عليها سوى ثماني ساعات حتى بدأ الألم ينال مني مع بقية المرضى، وهو ما جعلنا نلجأ الى مستشفيات أخرى، خاصة وأن بعض المرضى جاءوا من ولايات داخلية· وبعد مرور 24 ساعة، هناك من المرضى من عاد إلى مستشفى بني مسوس، وتم التكفل ب10 حالات فقط والبقية لم يتم قبولهم بالمستشفى''· هكذا بدأت مأساة ناصر، وبهذه الطريقة فقد اليوم البصر على مستوى عينه اليسرى تماما، فيما تعاني اليمنى من نقص كبير، ويتذكر يومها كيف حاولت الطبيبة التي عالجتهم طمأنتهم: ''لقد قالت لي مع زملائي أن ما حدث لنا لا يعدو كونه التهاب، بل ووعدتنا بإرسالنا إلى الخارج لتلقي العلاج، إذا استعصى الأمر في الجزائر، وكم كانت دهشتنا كبيرة، عندما اكتشفنا بعد 20 يوما من خلال التقرير الطبي أن دواء AVASTIN يستعمل لمرضى سرطان القولون بمستشفى مصطفى باشا''· ويتذكر جيدا ناصر كيف تعرض زملاءه للطرد من المستشفى ماعدا هو الذي رفض المغادرة ''لقد صممت على البقاء واتصلت بالصحافة التي حضرت إلى المستشفى، وبعد تحريك القضية على مستوى العدالة جاءت الشرطة العلمية وحاولت الالتقاء ببقية الأطباء للتعرف عليهم والاستماع اليهم''· أما الوزارة فلم ترد على التحقيق الذي طالبنا به من أجل معرفة ما حدث لنا بالضبط ومعاقبة من تسببوا في إعاقتنا البصرية· ويتذكر منير أن القضية وصلت إلى محكمة بئر مراد رايس التي حكمت على الطبيبة بستة أشهر سجنا غير نافذ، ورغم استقبال الوزارة للمرضى فيما بعد، إلا أن النتائج بقيت في خبر كان، حيث لم يتم التكفل بالمرضى كما جاء على لسان منير ''لعل أكثر ما حزّ في نفسي هو أن وزير الصحة آنذاك عمار تو أجاب في البرلمان بأن هؤلاء المرضى جاءوا إلى المستشفى وهم مصابون لأنه اعتمد على تقرير الطبيب المختص''· وفي انتظار إيجاد حل لوضعيته، يبقى المواطن ناصر ورغي يعاني في صمت وهو الذي لا يملك حتى منزلا يأوي عائلته·