ستكون أنظار عشاق الكرة المستديرة بدءا من هذا الجمعة مشدودة إلى الحدث الكروي الأوروبي الكبير بمناسبة أورو 2012 الذي سيجمع أقطاب الكرة الأوروبية في حوار كروي يعد بالكثير من خلال وجود منتخبات عريقة اعتادت ضمان الفرجة والإثارة في مثل هذه المواعيد القارية· ولئن كانت قيمة التشكيلات الأوروبية المشاركة في هذه الدورة تختلف من حيث مستوياتها وحظوظها في التنافس على اللقب، فإن ال 16 منتخبا الذي ينشط الدورة يملك من الإمكانات ما يجعل كل منتخب يطمح إلى تحقيق أهدافه، طالما وأن لعبة كرة القدم ليست علوما دقيقة وعنصر المفاجأة وارد في نتائجها خاصة بالمنتخبات غير المرشحة للعب الأدوار الأولى على منوال البلدين المنظمين أوكرانيا وبولونيا، البرتغال، اليونان، روسيا، إيرلندا وكرواتيا· إسبانيا مرشحة بامتياز إذا كان هناك منتخب يحظى بتقدير خصومه كما مؤيديه ومناصريه فهو بدون شك المنتخب الإسباني بطل العالم وأوروبا في النسختين الماضيتين الذي يوجد في وضعية مواتية للمحافظة على تاجه الأوروبي بفضل كوكبة من النجوم المشكلة أساسا من فريقي برشلونة وريال مدريد، ناهيك عن استمرار جل العناصر التي ساهمت في التتويج العالمي والقاري في صورة تشافي، انيستا، رامون، كاسياس، دفيد سيلفا· كما يعتبر المنتخب الإسباني الوحيد الذي لم تتعرض نجومه إلى إصابات، ماعدا الهداف فيا الذي لم يتعافَ من إصابته التي أبعدته عن الملاعب لفترة طويلة وكذا المدافع بيول الغائب الأكبر· ولا عجب والحال كذلك إن اعتبر المنتخب الإسباني المرشح بامتياز للفوز بالكأس الأروبية للمرة الثانية على التوالي، حيث سيعتمد على جميع أوراقه بقيادة المدرب المحنك ديل بوسكي· وفي هذا المجال يبقى المنتخب الإسباني كذلك الوحيد الذي أبان عن معالم تشكيلته الأساسية التي سيلعب بها خلال الأورو، والمتكونة أساسا من لاعبي ريال مدريد وبرشلونة مع تواجد دفيد سيلفا ونكريدو· ألمانيا حاضرة كالعادة إذا اعتمدنا على تنبوءات وتوقعات المتتبعين للحدث الكروي الأوروبي، فإن المنتخب الثاني الذي يحتل المرتبة الثانية من حيث حظوظ التتويج باللقب هو ألمانيا صاحبة التاريخ الطويل والثري في النهائيات العالمية والقارية، حيث تكون دائما في الموعد، رغم ما يقال عن المستوى الذي تشارك فيه، وستكون هذه المرة كذلك مع تحدي آخر، سيصنعه ثلة من نجومها المخضرمين، بدءا بالمدافع لام ومرورا بوسط الميدان أوزيل وانتهاءا بهدافه غوميز، وهو ما يؤهلها لأن تكون أحد الأرقام البارزة في يورو هذه الدورة· وفي هذا الصدد علينا الإشارة كذلك إلى الحنكة التي يتمتع بها المدرب الألماني لوف الذي أشرف على التشكيلة خلال كأس العالم الأخيرة بجنوب إفريقيا، وهو اليوم يستعد لرفع التحدي مرة ثانية على المستوى القاري، ويكفي في هذا الإطار التذكير بأن هذا المدرب المعروف بخبرته الميدانية سيستمر في مهامه إلى غاية المونديال القادم بالبرازيل، والأكيد أن الماكنة الألمانية ستكون حاضرة لتقديم المتعة لعشاقها واحتمال وصولها إلى النهائي وارد جدا رغم ما يقال عن المردود المتواضع الذي قدمه الألمان في اللقاءات الودية· إيطاليا على وقع فضائح الكالشيو الذين تابعوا ما فعله المنتخب الإيطالي سنة 1982 و 2006 بفوزه بالكأس العالمية في المناسبتين، لا يعيرون أي اهتمام لما يحدث اليوم في الكرة الإيطالية التي تعيش أحلك مراحلها بسبب فضائح التلاعب بمقابلات الكالسيو، حيث خيمت مخلفات هذه الأزمة على أجواء المدرب برندلي وأشباله، ويكفي في هذا الصدد الإشارة إلى أن هذه القضية حرمت المنتخب الإيطالي من أحد لاعبيه ممثلا في كريشتو فيما يتواجد الحارس الكبير بوفون والمدافع بانوتشي في قلب الأحداث، وإذا أضفنا غياب المدافع برزقلي بداعي الإصابة، أمكننا معرفة طبيعة الأجواء التي تسود اليوم التشكيلة الإيطالية المطالبة بتخطي عقبة منافسيها في الفوج الثالث وهي: إسبانيا، كرواتيا وإيرلندا، لكن التاريخ أثبت أن مثل هذه الأحداث لم تؤثر على ظهور الطليان في المناسبات الكروية الكبيرة، وهو ما يطرح اليوم علامات استفهام حول الوجه الذي سيظهر به المنتخب الإيطالي بدءا من يوم الأحد أمام إسبانيا، وإذا كانت اللقاءات الودية التي أجراها رفاق الحارس بوفون قد أبانت عن نقائص كبيرة على مستوى إيقاع اللعب، فإن الهزيمة القاسية التي تعرض لها المنتخب أمام منتخب روسيا أدخلت بعض المخاوف في نفوس أنصار ''الأزوري''· واستنادا إلى كل هذه المؤشرات التي لا تبدو في صالح منتخب إيطاليا، فإن التكهن ببروزه كالعادة في المراحل العصيبة من عدمه يبقى رهن المردود الذي سيقدمه، وفي هذا المجال علينا التذكير بالخروج المفاجىء والمخزي الذي سجله الطليان خلال كأس العالم الأخيرة بجنوب إفريقيا عندما اضطروا إلى مغادرة المنافسة في الدور الأول، وأضاعوا لقبهم الذي نالوه أربع سنوات (2006) من قبل بألمانيا· الماكنة الهولندية على أتم الاستعداد في سياق الحديث عن المنتخبات الكبيرة والمرشحة بقوة للعب الأدوار الأولى والبروز في أورو ,2012 لا يمكننا بأي حال من الأحوال أن ننسى المنتخب الهولندي الذي يقدم اليوم كرة عصرية تعتمد على الإيقاع الجماعي والكرة الشمولية التي ولدت في الأراضي المنخفضة، حيث ستكون نجومها مثل روبن، فان بيرسي، فان ديرفارت وآخرون على موعد جديد لتبيان قدرات المنتخب أمام عمالقة العالم· وشاءت صدف القرعة أن تقع هولندا في فوج ناري يتكون من ألمانيا، الدانمارك والبرتغال، وهو ما ينذر بمعركة كروية حقيقية ستمتزج فيها الصرامة الألمانية مع القوة السكندنافية والتقنية اللاتينية، وشمولية الكرة الهولندية، وإذا اعتمدنا على المنطق الكروي، فإن حظوظ الهولنديين في الذهاب بعيدا بل الوصول إلى اللقاء النهائي أمر متوقع، اللهم اذا حدثت مفاجآت قد تعصف بأحلام رفاق فان بيرسي، وهو ما لا يرضى به عشاق الكرة الجميلة، لأن إقصاء هولندا في بداية الطريق قد يُفقد المنافسة نكهتها، وهو ما يجعل التكهن بتألق أصحاب الزي البرتغالي واردا جدا، إذ لا ننسى كذلك بأنه نائب بطل العالم في نسخة .2010 المفاجآت واردة إلى جانب أسماء المنتخبات المرشحة للعب الأدوار الرئيسية في أورو ,2012 لا يمكننا بأي حال من الأحوال أن نتجاهل قدرات ومستويات بقية المنتخبات الأخرى، مثل السويد، إنجلترا، الدانمارك، البرتغال التي بإمكانها خلط الأوراق وتسجيل مفاجآت من العيار الثقيل، خاصة إذا استطاعت الخروج سالمة خلال الدور الأول أمام أباطرة الكرة الأوروبية ونقصد هنا بالتحديد منتخب البرتغال بقيادة نجمه الكبير رونالدو الذي ستكون مهمته كبيرة في إثبات مكانته في المشهد الكروي العالمي باعتباره يعتبر من أحسن اللاعبين على الإطلاق، وهو على يقين أن الطريق المؤدي إلى فوزه بأحسن لاعب في العالم يمر حتما عبر تألقه وقيادة منتخب بلاده إلى تحقيق نتائج إيجابية، وهي المهمة التي فشل فيها لحد الآن، فلعبة كرة القدم هي جماعية ولا تعتمد على لاعب واحد، وبالتالي فإن تألق أي منتخب يمر حتما عبر مردود جماعي، وهو ما يبدو في الوقت الراهن في غير متناول المنتخب البرتغالي· أما إنجلترا التي ستكون محرومة من ألمع عناصرها بسبب الإصابات في صورة لامبارد، كهيل، وباري، فستفتقد إلى خدمات قلب هجومها الكبير روني في اللقاءين الأولين بداعي الإيقاف، وهو ما يجعل حظوظها ضئيلة في البروز، رغم بعض الإيجابيات التي لوحظت على تشكيلة المدرب هودسون خلال بعض اللقاءات الودية التي أجرتها، والثابت أن غياب بعض هذه العناصر المؤثرة سيضاف إلى تخلي المدرب عن المدافع القوي فرناند الذي أحدث عدم استدعائه زوبعة في الصحافة الإنجليزية والعالمية، وقد ربطت بعض الأوساط غيابه بالعلاقة المتوترة مع المدافع الآخر تيري· ومهما يكن من أمر يبقى الميدان هو المحك الحقيقي الذي يكشف مدى استعداد كل تشكيلة وتجاوزها لمختلف المشاكل التي تعيشها مثل الإصابات والخلافات الداخلية، وفي هذا السياق الكل يرتقب خرجة المنتخب الفرنسي الذي ترك انطباعا سيئا للغاية خلال كأس العالم الأخيرة وكلنا ما يزال يحتفظ بصور العار التي لحقت بالكرة الفرنسية بجنوب إفريقيا، ولعل السؤال المطروح اليوم هو هل يستطيع رفاق ربيري رد الاعتبار لمنتخبهم في هذا الموعد القاري، وهل ستعود الكرة الفرنسية من بوابة أوروبا؟