أصدرت دار النعمان للطباعة والنشر، بحر الأسبوع المنصرم، كتابا تاريخيا جديدا للمجاهد بوعلام بن حمودة، بعنوان ''الثورة الجزائرية: ثورة أول نوفمبر 1954 معالمها الأساسية''، يعود بالتفصيل إلى أهم المراحل التي أدت إلى الكفاح المسلح ضد الاستعمار الفرنسي. بن حمودة يستعرض الحادثة التاريخية من منظور ما قيل وما كتب، ما يجعل عمله بعيدا عن شخصه ودوره في معترك الثورة. يقول بن حمودة (الأمين العام الأسبق لحزب جبهة التحرير الوطني)، إنه ألف الكتاب بصفته واحدا ممن شاركوا في إضراب الطلبة الجزائريين في ال 19 ماي .56 ونظرا إلى مساهمته في جيش التحرير الوطني إبتداء من أوت 56 كمحافظ سياسي، وتعرضه للاعتقال وبقائه في السجن إلى غاية أفريل .62 كما أن الكتاب عبارة عن ''دين معنوي'' أداه اتجاه الشهيد أحمد بوقرة (سي محمد): ''الذي رجاه في يناير 57 أن يكتب شيئا عن الثورة التحريرية وهو لا يعلم من سيبقى على قيد الحياة بعد الاستقلال''. ئتضمن الكتاب طيلة 662 صفحة،27 فصلا كان عبارة عن ملخص لأكبر المواعيد والحيثيات التي دفعت بثوار الجزائر إلى إعلان خيارهم المسلح. وقد حرص بن حمودة على أن يكون كتابه درسا مطولا في التاريخ، يشدد على غايتها النبيلة، ولفهمها رأى ضرورة سرد ما حدث منذ 1830 إلى غاية الفاتح نوفمبر .54 ما يجعل الكتاب بعيدا عن السيرة الذاتية، أو الشهادة التاريخية لواحد من المشاركين في صفوف الكفاح. خصص بن حمودة، الفصل الأول ليصف الاحتلال الاستعماري بوجهه الوحشي والإجرامي ميزت دخول فرنسا إلى الجزائر في 14 جوان .1830 موضحا ذلك من خلالئالترسانة العسكرية المسخرة للعملية (153 سفينة حربية، 450 سفينة صغيرة، 4008 حصان يجر وسائل النقل والأسلحة) الكل بقيادة المشير ''دي بورمون''. ففي هذا الفصل عاد بن حمودة إلى الروايات التاريخية التي تحدثت عن أسباب احتلال الجزائر، وعن أولى المسؤولين النازلين على أرضها كإيف بوتان، والعقيد كولي، وقبلهما قنصل فرنسا بيار دوفال، ناهيك عن رواية الكنز المدفون في القصبة، الذي حرك أطماع فرنسا الإقتصادية والمالية. إضافة إلى المقاصد الدينية التي ''لم تكن غائبة لأن الغربة في مكافحة الإسلام وفي نشر المسيحية لم تنطفئ منذ الحروب الصليبية التي وقعت في القرن الحادي عشر إلى الثالث عشر''، على تعبير الكاتب. مشيرا إلى إستيلاء فرنسا على أملاك الحبوس. يستعرض الكاتب مشاهد الإجرام والتقتيل في حق الجزائريين، كإبادة قبيلة العوفية في ضواحي الحراش في أفريل ,1832 واشتباكات شوارع قسنطينة، قبيلة أولاد رياح في جبال الظهرة.. وغيرها من الأماكن التي وقعت تحت سيطرة عسكر مثل العقيد ''بيليسي'' و ''سانت آرنو''.. واعتمد المجاهد الكاتب على مجموعة مصادر بدءا بشهادة حمدان خوجة. سلط بن حمودة في الفصل الثاني الضوء على ''المقاومة المسلحة من طرف الشعب الجزائري''، ليؤكد أن الجزائريين انتفضوا ضد التواجد الفرنسي منذ الوهلة الأولى، مستدلا بما كتبه لويس فيتو، حين وصف دخول فرنسا إلى مدينة الجزائر، ثم مقاومات محي الدين بن علي مبارك وابن السعديئفي القليعة، بن زعموم في البليدة، وصولا إلى الأمير عبد القادر في الجهة الغربية للبلاد، وكفاح أحمد باي (1830-1848) في قسنطينة، محمد بن عبد الله المدعو بومعزة في الشلف (1845-1847)، محمد الهاشمي (1847-1849)، سي قدور التتراوي (1840-1855) جنوبالمدية.. إندلاع ثورة نوفمبر ,54 سخر له فصلا سادسا، جاء فيه أن اجتماع اللجنة السرية المفجرة للثورة عددها 22 وليس 21 وذكر الأسماء: مختار باجي، عثمان بلوزداد، رمضان بن عبد المالك، بن عودة بن مصطفى، مصطفى بن بولعيد، العربي بن مهيدي، لخضر بن طوبال، رابح بيطاط، الزبير بوعجاج، سعيد بوعلي، بلحج بوشعايب، محمد بوضياف، عبد الحفيظ بوصوف، مراد ديدوش، عبد السلام حباشي، بوجمعة سويداني، محمد مشاطي ولياس دريس، الذي اعتبر عضوا لأنه آوى المجموعة وعرض نفسه للخطر والسجن، لكنه لم يشارك في المداولات وفي التصويت.ئئ وعن ردود فعل الخارج، قال بن حمودة عن الجامعة العربية إنها امتنعت في اجتماع 13 سبتمر 55 عن المطالبة بتسجيل قضية الجزائر في جدول أعمال الأممالمتحدة. واعتبر بن حمودة هذا الموقف ''غريبا'' لأن اللجنة السياسية اقترحت المطالبة بالتسجيل. خلافات كثيرة ميزت طريق الثورة، بين أعضاء جبهة التحرير الوطني، خصص له المؤلف الفصل ,21 قضايا أخرى مثل قضية الرائد عز الدين، محمد لعموري، علي حنبلي، علاوة عميرة، تمرد جبل شعامبي ,59 وكذا الخلافات الشخصية في المنطقة الأولى، التي وقف عليها مصطفى بن بولعيد عند رجوعه إلى منطقته، (فرارا من سجن الكدية في 14 نوفمبر 55)، فوجد بشير شيهاني قد قتل بأمر من عباس لغرور قيل لأسباب أخلاقية، فيما ذهب الذاهر الزبيري إلى التأكيد على أخطاء تاكتيكية لا غير. القتل أحبط معنويات المجاهدين كثيرا. كما عرفت المنطقة الأولى تنافسا على الرئاسة بين عجول عاجل في الوسط، عمر بن بولعيد (أخ مصطفى) في الغرب وعباس لغرور في شرق المنطقة الأولى.ئئ وقد تعمقت نزعة الزعامة لدى هؤلاء بعد استشهاد بن بولعيد. ما سبب غياب المنطقة عن مؤتمر الصومام. لاحقا وفق الشهيد سي عميروش في إقناع الأطراف المتخاصمة على الإتفاق، لكن بتأثيرات جانبية كبيرة، أبرزها سلوك عجول وندائه الغريب للمدنيين والعسكريين ''للعودة إلى فرنسا''، واغتيال عبان رمضان في المغرب ديسمبر ,57 يقول عنها بن حمودة، إنها قضية ''خطيرة لأن شخصية قيايدية قتلت داخل نظام ثورة من دون محاكمة، في حين أنشأت محاكم للنظر في قضايا تهم إطارات أخرى للثورة''. إلا أن بن حمودة لا يضيف معلومة عن القضية، سوى ما قيل أوئما كتب من قبل خالفة معمري أو فرحات عباس أو أحمد توفيق المدني، ومحمد يوسفي.