شاهدنا اليوم عملا للمسرح الجهوي تيزي وزو ولكن بشكل مغاير تماما عن المنتظر أو المعهود لمسرح من هذه المنطقة، أقصد من حيث اللغة والممثلين والموضوع؟ هو تجربة تحاول أن تكرس مسرح جديد يعتمد على الإنصات، لأن المنطقة معروفة بالشعرية، من جهة أخرى في الكتابة الإخراجية حاولنا أن نتكلم عن زمنين، زمن الماضي وزمن الحاضر المؤلم بعد عشر سنوات حاولنا أن نقف عن اللحظات المأساوية التي عاشها المواطن الجزائري. خلال بعض الرموز نحاول التأسيس لها من خلال قراءتنا للواقع عبر نص بوزيان بن عاشور. الفضاء الثاني يعكس مرحلة الثمانينيات، هو ماضي آبائنا، تحاول أن تكرس رومانسية معينة، وطفولة أيضا، بعنف جميل لا يشله عنف العشرية السوداء. وهو ما أظهره كبيري على مستوى السينوغرافية. من خلال التمزق واللون الأحمر الذي إرتدته الممثلة، تعبيرا على سنوات الدم التي خرجنا منها وحاولنا أن نؤسس من مسرح يقترب من هموم المجتمع. في علاقتك كمخرج مع السينوغرافي عبد الله كبيري، كيف تعاملت معه خاصة ونحن نسمع كثيرا بالصراع الدائم بين السينوغرافي والمخرج؟ لا لم أتصارع مع كبيري، فهو من أحسن السنوغرافيين في الجزائر هو حاليا يشتغل في المهجر في تجربة جديدة في جنيف، عنده صيت كبير، فمجرد أن قبل كبيري أن ينتقل معنا إلى تيزي وزو هو دليل على سعة نظرته وثرائه المفتوح، طلبنا منه أن ينجز لنا هذا العمل وأعتقد أنه نجح في ترجمة النص ومشاعره، فهو فنان تشكيلي بالدرجة الأولى عانى كثيرا في سنوات التسعينيات لهذا فهو يملك رصيدا يؤهله لترجمة النص. في لحظة معينة من العرض شعرنا بسقوط الريتم، ودخول الممثلان في شبه سرد، هل لاحظت ذلك اليوم؟ لم يكن هناك سرد بل هو نص قائم على الحوار السريع المتبادل لحظة بلحظة، كلمة بكلمة، دون هوادة، دون لحظة انتظار، النص يفرض تبادل الأفكار دون تسجيل لحظة توقف أو صمت، وربما هذا ما أشعرك بالرتابة، وإن حدثت فأجد للممثلين مبررا، فهم في مهرجان محترم والارتباك مفهوم في هذا الإطار. وقد نصحتهم بأن يتخلصوا من الضغط، وأن يأخذوا الوقت الكافي للإلقاء دون التسرع. ماذا عن التوازن بين الممثلين، عن تفوق ممثل على آخر؟ لم ألحظ ذلك، كمخرج لا أستطيع أن أحكم ذلك، بالنسبة لي أي دور يجب أن يأخذ في الحسبان المتعة المتقاسمة مع الجمهور، عندما أشتغل مع الممثل على عمل مسرحي، لا أعطيه وصفة مضبوطة لتأدية الدور، بل أدخله في الموضوع ليهضمه. ولكل واحد أدواته. وقد حاولت تطبيق منهج ستنسلافسكي وما يسمى بالممثل الأستديو لأخرج من الشخصية ما يستحقه الدور. ما هدفك من المنافسة؟ لا هدف محدد لي بصراحة، مجرد أن أعرض في مهرجان مسرح المحترف هو هدف في حد ذاته، أنا أستاذ جامعي أعمالي كثيرة، وأنا راض على عملي الذي أنجزته مع مسرح تيزي وزو ومع فريق الممثلين والسينوغرافي والموسيقي الذين اخترتهم بنفسي.. وأنا مسؤول على خياراتي.