''حين يتقمص الجزائري شخصية مستعمره ويتكلم لغته، فهذه هي الهزيمة الحقيقية في نظري، هذا هو الموت بعينه ، تصور أن المرأة تحب غاصبها، أفضّل أن تتحدث معي بالأمازيغية ولكن ليس بالفرنسية''، بهذا كشف المخرج السينمائي الفلسطيني، حسن نزار، عن ألمه العميق لما وقف عليه خلال الأيام السينمائية بالجزائر من هيمنة للغة الفرنسية على المشاركين الجزائريين، واصفا هذا الألم ب ''الغيرة على الجزائر''· هذه أول زيارة لكم بالجزائر، كيف وجدتموها؟ هي أول زيارة لي بمناسبة الأيام السينمائية بالجزائر العاصمة وللأسف ستكون قصيرة، كان حلمي أن أزور الجزائر قبل هذا اليوم، لكن كنا نخاف، فالإعلام الغربي صوّر لنا الجزائر في العشرية السوداء بأنها بلد الخوف والجحيم مما تسبب في جرحي، انتابني شعور الطفل الذي يتحول والده من أب حنون إلى أب قاسٍ، إني أشعر بانتماء روحاني ومعنوي لهذا البلد، فأنا ولدت سنة تحرر الجزائر من المستبد الفرنسي، أنا متأثر بزعماء ورموز الثورة الجزائرية، أحب كثيرا القائد المعجزة هواري بومدين، كم أنا فخور بانتمائي إلى محيط مهم، حر ومبدع، فالجزائر جزء من هويتي· وماذا رأيتم في الإبداع السينمائي الجزائري؟ مقارنة بما كنا نسمعه، اليوم الجزائر بخير، لكن هناك نوعا من الخوف والقلق لمحته في وجوه الجزائريين، هناك شموخ وكبرياء ضائعين، فحين يتقمص الجزائري شخصية مستعمره ويتكلم لغته فهذه هي الهزيمة الحقيقية في نظري، هذا هو الموت بعينه، تصور أن المرأة تحب غاصبها، أفضل أن تتحدث معي بالأمازيغية ولكن ليس بالفرنسية· ألا تعتبرون أنه حكم قاسٍ نوعا ما، خاصة و أن زيارتكم للجزائر لم تكن مطولة؟ تقييمي يخص الطبقة المثقفة التي التقيت بها هنا في رياض الفتح بمناسبة الأيام السينمائية، وحكمي نابع من غيرتي وحبي لهذا البلد، فمشكل اللغة كان عائقا بالنسبة لي للتواصل مع الجزائريين، وحتى لقراءة بعض السيناريوهات الخاصة بالمسابقة الوطنية لأحسن سيناريو التي قُدمت أغلبها باللغة الفرنسية، عملان فقط من ضمن خمسين سيناريو كان باللغة العربية· ما تقييمكم للسينما الجزائرية؟ أنا جد متأثر بالسينما الجزائرية التي توجت في عدة مهرجانات دولية، أبرزها حصولها على أول أوسكار وهناك مخرجون جزائريون كبار استطاعوا أن يحملوا على عاتقهم التعريف بالقضية الجزائرية إبان سنوات الاحتلال الفرنسي للجزائر، وطرح قضايا هامة في مرحلة البناء وتطور المجتمع الجزائري، أما حاليا فالسينما الجزائرية تُصنع بأيادٍ فرنسية، أصبح الجمهور السينمائي الجزائري عبدا لثقافة المخرجين المغتربين بفرنسا· وماذا عن التجربة الفلسطينية السينمائية وعن تجربتكم الشخصية؟ هناك محاولات رغم نقص الإمكانيات وانعدامها أحيانا، ومعظم السينمائيين يقيمون بالمهجر، أما تجربتي الشخصية فقد لاحظتموها من خلال فيلمي ''جنوب'' الذي أقصد به فلسطين و''هيدا لبنان'' للمخرجة اللبنانية ايليان الراهب، من إنتاجي، هناك بعض الإشكاليات نحاول طرحها للنقاش· يقال إن أعمالكم لا تعالج إلا قضية واحدة مشكل الهوية··· ما تعليقكم؟ هذا الكلام يُروَّج عني من طرف من يسمون أنفسهم بالنخبة في لبنان، وكل عمل أقدمه ألقى هجوما عنيفا من طرفهم ، أعمالي لا تعالج مشكل الهوية لأن جميع الأفلام تعالج هذه القضية، فالهوية أصبحت موضوعا بديهيا في جميع الأعمال والأفلام، الإشكالية الحقيقية بالنسبة لي تكمن في قدرة السينما على أن تصنع من ثلاثة عناصر أساسية (السياسي، الاجتماعي والثقافي) شخصا واحدا· هل هناك رسالة محددة تريد تبليغها للجمهور من خلال أعمالك؟ عفوا، سيدي، أنا لست رسولا كي أحمل رسالة أو مدرسا، أنا مجرد شخص عادي لديه إمكانيات وتجربة واهتمام أتيحت له الفرصة كي يمارس مهنة الفهم والتحليل، أحمل أفكارا أطرحها للجمهور للنقاش والحوار، يجب أن نتوجه إلى خلق حوار بين الإنسان وذاته، بيئته، حاضره، ماضيه، يتحاور مع من يحب ويكره، بهذه الطريقة نتمكن من خلق خطاب جديد ونسلط الضوء على أشياء تبدو أنها غير مهمة، وفي حقيقة الأمر هي مهمة لكنها كانت مهملة ، إذا أنا لست رسولا، إنما شخص يمارس متعة، حيرة وألم الإنسان·