لم تكن حادثة اختطاف وقتل الطفلة “شيماء" في معالمة غرب العاصمة، منذ أيام، سوى إنكاءً للجرح الذي أصبح غائرا في جسم الطفولة في بلادنا خلال السنوات الأخيرة، وذلك بالنظر إلى تعاظم ظاهرة اختطافات لبراعم هي في عمر الزهور، وهي الاختطافات التي عادة ما تنتهي بجرائم قتل وحشية ينفذها مدبرو ومنفذو هذه الاختطافات في المناطق الحضرية كما في المناطق شبه الحضرية، وحتى في الحالات التي لا يثبت فيها قتل هؤلاء الأطفال ولا يتم العثور على جثثهم، فإن الإختفاء يطالهم ببساطة ومصيرهم يبقى مجهولا. ومن الطبيعي أن تشهد جنازة الطفلة “شيماء"، أول أمس، وهي الطفلة “المغدور بها" صاحبة الثماني سنوات فقط التي وجدت ميتة بعد اختطافها في معالمة.. كل ذلك التأثر والغضب اللذين بديا على المواطنين، سواء الذين حضروا الجنازة أو الذين لم يحضروها والأصداء التي جمعتها “الجزائر نيوز" في هذا الإطار، من جانب بعض هؤلاء المواطنين، عبرت عن ذهولهم وصدمتهم من هول ما حدث ومن التعدي السافر الذي أصبح يتعرض له الأطفال من خلال عمليات الاختطاف التي أصبحت تتوالى تباعا بين الفينة والأخرى. ورغم أن أهل الضحية يؤكدون، وفق المعلومات المقدمة لهم من طرف الدرك الوطني، أن المشتبه فيه البالغ من العمر 29 سنة والموجود، إلى غاية كتابة هذه السطور، في حالة فرار إلا أن القبض على هذا الأخير، الذي نحن متأكدون أنه سيحدث عاجلا أم أجلا، سوف يفك لغز اختطاف وقتل البريئة “شيماء" ويعيد الحق إلى ذويها، لكن ذلك لن يحل المشكلة برمتها والأرقام التي تقدمها مصالح الأمن والدرك الوطنيين بخصوص ظاهرة اختطاف الأطفال تعكس فعلا قلقا كبيرا جدا لدى المجتمع، سواء تعلق الأمر بالبسطاء أو بالنخب، وإلى درجة أن البروفيسور مصطفى خياطي رئيس الهيئة الوطنية لترقية الصحة وتطوير البحث يتحدث عن مطالبته السلطات العمومية بإقرار عقوبة الإعدام في حق كل شخص اختطف، اغتصب وقتل الأطفال، أما عرعار عبد الرحمان رئيس شبكة “ندى" فيؤكد من جانبه ضرورة التحلي باليقظة وإشراك كل الهيئات الفاعلة إلى جانب المجتمع المدني في محاربة هذه الظاهرة. وبالعودة إلى الأرقام الرسمية حول هذه الظاهرة، فإن مصالح الأمن الوطني تشير إلى وقوع 36 عمليات اختطاف ارتكبت ضد القصر. وإذا كانت هذه المعطيات تخص المناطق الحضرية التي تعتبر أقاليم اختصاص مصالح الشرطة، فإن مصالح الدرك الوطني المختصة إقليميا في المناطق شبه الحضرية تشير إلى وقوع 231 جريمة من هذا النوع خلال السداسي الأول من السنة الجارية 2012 وفق معطيات تحصلت عليها “الجزائر نيوز" وهي المعطيات التي تشير إلى كون هذه الاختطافات، التي تستهدف بنات صغيرات أساسا وعادة ما تنتهي بالقتل، وصل عددها السنة الماضية 2011 في المناطق شبه الحضرية إلى 293 اختطاف. وتؤكد مصالح الدرك الوطني أيضا أن 46 بالمائة من هذه الاختطافات شملت أطفالا تتراوح أعمارهم بين 11 و15 سنة، حيث سجلت أيضا كون 21 بالمائة من المعتدين في هذا النوع من الجرائم هم من الجيران، وبالتالي أشخاص ينتمون إلى المحيط القريب للأطفال، أما عن الأسباب التي تقف وراء هذا النوع من الجرائم، فإن المعطيات التي تحصلت عليها “الجزائر نيوز" من مصادر أمنية تشير إلى أن معظمها يتعلق إما بسرقة الأعضاء أو بهدف التعدي جنسيا على الأطفال موضوع الاختطافات، فضلا عن تسجيل حالات أخرى تتعلق بطلب الفدية. مثل هذه الاختطافات، التي ذهبت ضحيتها على سبيل المثال لا الحصر الطفلة “أميرة حمزاوي" من “عين تقورايت" في تيبازة والطفلة “فتيحة" صاحبة ال 13 ربيعا من “الرحمانية" بالعاصمة.. شكلت كلها “مسلسلات" رعب حقيقية في حياة الجزائريين وبواقع عمليات اختطاف سجلت حضورها بقوة في المشهد الاجتماعي خلال الأيام الأخيرة على اعتبار أنه، وبالإضافة إلى حادثة اختطاف وقتل الطفلة “شيماء"، فقد سجلت محاولتا اختطاف فتاتين، مساء السبت الماضي، في كل من بن طلحة بالعاصمة وفريحة بتيزي وزو باءت كلاهما بالفشل بفضل يقظة الأمن في حاجز للتفتيش مثلما حدث في تيزي وزو وتدخل أحد الجيران كما حدث في بن طلحة.