إستعملت أكثر من رمز في الحديث عن “نجمة"، لأقدمها بشكل جديد للجمهور الجزائري، ولأعبر عن رؤيتي وفهمي لهذا النص الذي قرأته وأحسست به أكثر من مرة. لهذا رأيتم الصحراء ممثلة في التوارق، والساحل في منطقة القبائل وعنابة، والجبال في صورة المرأة الشاوية، وطقوس البخور والسفر، والأمازيغية والتماشقت... روائح كثيرة أردت مزجها لأصوغ في النهاية تصورا مغايرا لما هو سائد عن “نجمة". كان لرشيد سوفي دور كبير في بناء هذه الرؤية، فقد وفق إلى حد بعيد في اقتباس العمل، وجعله كما أردت سهل المنال، وقريب إلى ذهن الممثل والمتلقي في آن واحد. وبعد أن اقترحني المسرح الوطني لهذه المهمة رسميا، لم أرفض شرف القبول والاشتغال على نص كبير لكاتب كبير. لو طلب مني أن أعيد العمل نفسه، سأكرر تجربتي مع الفريق نفسه، بل كنت سأضيف المزيد لأشكل هندسة جديدة لنجمة مع ما يربو عن 50 ممثلا وليس ثلاثين. كنت جد سعيد ومسلح بالعزيمة طيلة اشتغالي في الورشة التكوينية مع هؤلاء الشباب، الذين وجدت فيهم قدرة على المقاومة والإصغاء. ما شاهدتموه اليوم هو نتاج أربعين يوما من العمل المتواصل، ولو كان بحوزتي مزيدا من الوقت لكان المشهد سيكون مختلفا، ربما، وأكثر تطورا مما هو عليه الآن. كثيرة هي الأعمال التي سقطت كلها في تناول تقليدي، ومتشابه على الأغلب. الكل يتحدث عن “نجمة" على أنها شقيقة مصطفى كاتب، وابنة عم ياسين، التي أحبها وتصادم مع أهلها. شخصيا، أردت أن أقدم ياسين المثقف والمؤرخ والانثروبولوجي وعالم الاجتماع والمناضل، وليس فقط الرجل المحب البسيط. أتمنى أن نجتهد جميعا في إعطاء قراءات جديدة تغري الجمهور على التعرّف على هذا العمل الأدبي البارع. إعتمدت على الخشبة الفارغة يجب أن تعلموا أن المسرحية أنجزت في إطار ورشة تكوينية، فالريتم الذي اشتغل عليه الممثلون كان للضرورة الدرامية التي تليق بهم. أما عن الكتابة الدرامية لسوفي، فتسمح لي أن أستعين على الأقل بثلاث لوحات ديكورية قارة. في الفريق شباب لم يعتلوا الخشبة في حياتهم، وقد نجحت على الأقل في تلقينهم احترام الركح، وتفاعلهم معه.