فرضت وحدات حرس الحدود على مستوى ولاية تمنراست إجراءات أمنية مشددة، لمنع تدفق عشرات المهاجرين الأفارقة إلى الجزائر، وذلك للحيلولة دون تسلل بعض الإرهابيين، وتتزامن هذه الإجراءات مع حالة الحصار التي تفرضها وحدات الجيش الوطني الشعبي ضد معاقل الإرهابيين بالمنطقة· وقد أثارت هذه الإجراءات الاستثنائية المشددة انتقادا من طرف عدد من المهاجرين الأفارقة الذين لم يسعفهم الحظ في الدخول إلى الجزائر، بالرغم من أن الاتفاقيات المبرمة بين الجزائر وعدد من الدول الإفريقية خاصة تلك الموجودة بالساحل الإفريقي، تلح على ضرورة وضع الآليات لمكافحة ظاهرة الهجرة غير الشرعية، بالرغم من ذلك فإن قنصل مالي بتمنراست احتج لدى السلطات المحلية على هذه الإجراءات التي وصفها بالتعسفية، حسب ما أكدته مصادرنا· لكن مصادر محلية أكدت ل ''الجزائر نيوز'' أن عشرات الإرهابيين تمكنوا من التسلل إلى الجزائر ضمن قوافل النازحين من المهاجرين غير الشرعيين، وغالبا ما ينتسب هؤلاء لما يسمى بفرع الصحراء لتنظيم القاعدة الذي يتزعمه يحيى جوادي· وتعاني الجزائر من تفاقم مشكل الهجرة غير الشرعية، حيث يكلفها ذلك ميزانية كبيرة، خاصة أن الحكومة خصصت مبلغا ماليا يقدر ب 21 مليار دينار، أي بزيادة قدرها ثلاثة ملايير عن تلك التي خصصتها العام الماضي للتكفل بإقامة هؤلاء المهاجرين الأفارقة، وكذا نقلهم إلى بلدانهم من طرف ناقلين خواص يتم استئجارهم من السلطات العمومية· وقد تمت مضاعفة الميزانية المخصصة لمواجهة ملف الهجرة السرية، ضمن الميزانية الإضافية لعام 2009، حيث ارتفعت بخمسة أضعاف، وعرفت زيادة عن العام الماضي· ويوضع الأفارقة في مراكز خاصة، حيث يتم التكفل بهم، قبل ترحيلهم عن طريق التعاقد مع خواص من أجل نقلهم إلى بلدانهم بعد صدور أوامر قضائية بذلك· وقد أوقفت مصالح حرس الحدود خلال هذا العام، حسب إحصائياتها الرسمية، 1256 مهاجر إفريقي دخلوا التراب الوطني عبر نقاط حدودية جديدة بأقصى الجنوب، بعضهم لقي مصرعه بسبب العطش والجوع، وآخرون وصلوا في ظروف جد متدهورة، وقد تم ترحيل أكثر من 700 مهاجر غير شرعي نحو بلدانهم كالنيجر، المالي وموريتانيا، في حين ستصدر أوامر قضائية ضد البقية· وفي العام 2007، أوقفت مصالح حرس الحدود 12 ألف مهاجر سري، أما في العام 2008، فقد تم توقيف 13 ألف مهاجر غير شرعي، أغلبهم يأتون من المالي والنيجر، إلى جانب مهاجرين آخرين قادمين من عدد من دول إفريقية وآسيوية· وكانت دراسة أمنية أُعدت في هذا الشأن أشارت إلى تورط المهاجرين غير الشرعيين في شتى أنواع الجرائم، منها تلك التي تستخدم فيها جوازات السفر، العملة والوثائق، إضافة إلى التهريب، وحرصت الدراسة على التأكيد أن الهجرة غير الشرعية تشكل مصدر قلق لانعكاساتها، مما يتعين مواجهتها بالتنسيق والتعاون مع كافة الدول، ودعم التعاون في مجال تبادل المعلومات بين بلدان ضفتي المتوسط والدول الأوروبية الأخرى لضمان الوقاية ومحاربة فعالة للظاهرة، وتمثل حدود البلاد الجنوبية الممتدة على طول 2500 كلم الملاذ المفضل للشباب الأفارقة المتطلعين إلى عبور المتوسط إلى الساحل الجنوب أوروبي، حيث أضحت الجزائر منطقة عبور وإقامة آمنة للعديد من هؤلاء المهاجرين، وخلال السنوات الأولى للهجرة، أصبحت المدن الحدودية الجنوبية مثل تمنراست نموذجية في إيواء المهاجرين بصورة مؤقتة، لكنهم اليوم بدأوا يتجهون تدريجيا نحو المدن الجزائرية الرئيسية مثل العاصمة ووهران، خاصة مغنية·