كالعادة عند قدوم فصل الشتاء، يكثر الحديث عن أزمة قوارير البوتان التي يكثر استعمالها خاصة في المناطق النائية التي تعرف شتاءا شديد البرودة، ولئن الأزمة التي حدثت خلال الشتاء الماضي في نفس هذه الفترة لم تبرح ذاكرة المواطنين بفعل النقص الفادح الذي سجل على مستوى نقاط بيع نفطال وكذا الخواص، فإن المؤشرات الأولى التي برزت إلى حد الآن كشفت لنا بأن حدة الأزمة هذه السنة انخفضت، حيث لم تسجل الطوابير التي شهدتها محطات البيع، غير أن مستجدات هذا الشتاء تكمن أساسا في توقيف بيع هذه القوارير خلافا لما كان سائدا في السابق، وتكفي في هذا المجال زيارة كل نقاط بيع نفطال ليصطدم المواطن بحقيقة مرّة وهي أن قوارير البوتان ليست للبيع دون تقديم أخرى فارغة، وهو ما وقفنا عليه ونحن نتنقل عبر نقاط بيع مؤسسة نفطال بالعاصمة، حيث قيل لنا بالحرف الواحد، بأن بيع القوارير ممنوع وهذا بقرار من وزارة القطاع، كما جاء على لسان أحد العاملين الذي التقيناه بالمحطة الرئيسية للحراش: “منذ شهرين توقفت شركة نفطال عن بيع قوارير البوتان وسيستمر الوضع إلى غاية نهاية فصل الشتاء، عبر كامل التراب الوطني، بعد أن وصلت تعليمة الوزارة إلى كل نقاط البيع". ونحن نتحدث إلى هذا العامل، دفعنا فضولنا الصحفي إلى الاستفسار عن السعر الحالي للقارورة الواحدة، حيث أكد لنا المعني أنها ارتفعت إلى 2700 دج، فيما وصل سعرها في السوق السوداء إلى 5000 دج، “لقد بيعت منذ أيام قارورة البوتان غير بعيد عن نقطة بيع الحراش ب 5000 دج في السوق السوداء، وحاليا يتراوح سعرها ما بين 3700 دج و5000 دج". قوارير البوتان تباع في الهواء الطلق غادرنا هذا العامل الذي تحدث لنا عن الوضع الحالي الذي تعرفه سوق قوارير الغاز، بعد أن تأكدنا من أقواله عندما رمقنا بأعيننا العديد من الشاحنات المتوقفة غير بعيد عن نقطة بيع الحراش، ودائما من باب الفضول، اقتربنا من البعض منهم واستفسرنا عن الأسعار، ولم يجد صاحب شاحنة تحوي حوالي مائة قارورة من الإفصاح عن السعر الذي يبيع به والمحدد ب 4000 دج للقارورة الواحدة: “لقد بلغت أسعار قوارير البوتان إلى مبالغ تعدت في بعض المناطق السعر الذي أبيع به أنا". وعندما طلبنا من هذا البائع لجوءه إلى البيع بهذا الأسلوب بدل التوجه الى نقطة البيع التي كان يتعامل معها، رد علينا على الفور بأن السوق تشهد ندرة في قوارير الغاز بعد أن اتخذت شركة نفطال قرارا بوقف البيع، وهو ما خلق طلبا متزايدا عليها من طرف المواطنين. وغير بعيد عن هذا التاجر الذي توجه إلى السوق السوداء لكسب المزيد من المال، انتقلنا إلى بائع آخر يتواجد بالقرب من نقطة بيع نفطال بالحراش، حيث وجدناه في دردشة مع أحد أعوان الأمن التابعين للشركة، ومن خلال الحديث الذي جمعنا به بعد أن عرف هدف زيارتنا، لم يتوان في الكشف لنا بأنه أحد الباعة في السوق السوداء، وأنه مستعد لتزويدنا بقارورة البوتان بسعر قال عنه بأنه لا يتجاوز 3700 دج، “إذا أردت شراء ما تحتاجه من قوارير البوتان، عليك أن تعود في المساء وسنبيع لك ما شئت". ومرة أخرى جرّنا فضولنا الصحفي إلى الاستفسارات عن المكان الذي يجلب منه قوارير الغاز، ليخبرنا بأنه يتنقل إلى مدينة الجلفة رفقة زميل له ويشتري قوارير البوتان من هنالك ليعيد بيعها هنا بمحاذاة نقطة بيع نفطال بالحراش، في البداية لم نصدق الرواية التي سردها علينا تاجر السوق على خلفية أن مدينة مثل الجلفة المعروفة ببرودة الطقس من المفروض أنها تعاني نفس الأزمة مثل باقي المناطق الباردة الأخرى، يقول هذا التاجر الذي لا يتجاوز عمره 30 سنة بأن جل سكان مدينة الجلفة وصل إليهم غاز المدينة، وبالتالي لا توجد أزمة بها، على حد تعبيره. وللأمانة، فقد وعدنا هذا التاجر بالعودة إليه، مساء أمس، لاقتناء قارورة غاز، إلا أننا أخلفنا الوعد ولم نعد، ولا نعتقد بأن هذا التاجر سيجد صعوبة كبيرة في بيع سلعته طالما وأن الطلب عليها، كما قال لنا ونحن نغادره، كبير، وهو ما جعله يحذرنا من عدم المجيء في الموعد، لأن ذلك سيدفعه إلى بيع قارورة الغاز بالسعر الذي حدده لنا وهو 3700 دج. تبريرات تجار السوق السوداء لم يختلف الديكور مع بقية باعة السوق السوداء المحاذية لنقطة بيع نفطال بالحراش، حيث أكدوا لنا جميعا بأنهم حددوا الأسعار وفق الطلب والعرض، بل وذهب آخر إلى حد اعتبار الارتفاع الكبير في السعر القانوني للقارورة لا يختلف كثيرا عن الأسعار في السوق السوداء. عمال محطات نفطال بقسنطينة: منع بيع قارورات البوتان أمر فوقي «نحن نطبق التعليمات فقط"، هكذا رد بعض عمال محطة نفطال، بقسنطينة، على قرار منع بيع قارورات البوتان للمواطنين، في الوقت الذي أكد فيه مصدر مسؤول بالمحطة، أن الطلب تراجع مقارنة بالسنوات الماضية بعد ترحيل حوالي 4 آلاف عائلة من مدن الصفيح واسترجاع 10 آلاف قارورة كانت تستعملها. أضاف المسؤول ذاته، أن ترحيل العائلات التي تسكن مدن الصفيح، منذ بداية السنة، مكن من الاحتفاظ بحوالي 25 ألف حصة من غاز البيتان كانت تستهلكها العائلات المرحلة كل شهر بمعدل 8 حصص لكل عائلة، وهي الكميات التي تم توجيه عدد معتبر منها لتدعيم بعض الولايات، خاصة التي تكثر بها المناطق الريفية والجبلية، مضيفا أنه مع الارتفاع المستمر في نسبة التغطية بغاز المدينة والتي اقتربت من معدل 85 بالمائة، تراجع الطلب على غاز البوتان من سنة إلى أخرى، موضحا بلغة الأرقام، أن احتياطي غاز البوتان على مستوى وحدة بونوارة، بقسنطينة، مريح جدا، حيث يقدر ب 1200 طن لم يتم الشروع في استغلالها بعد، وهي الكمية التي تضاف إلى مجموع القوارير المملوءة سابقا وتكفي لتغطية كل الاحتياجات، حاليا. أما فيما يتعلق بقضية منع بيع قوارير غاز البوتان للمواطنين، أوضح المتحدث ذاته، أن الأمر فوقي، وما على الوحدات سوى تطبيقه، مضيفا في الصدد ذاته، بأن دخوله حيز التطبيق مكن من استرجاع عدد كبير جدا من القوارير التي كانت متداولة في السوق بطريقة غير شرعية، حتى ولو أن القرار تسبب في ضرر لبعض المواطنين، بعد أن اضطر الكثيرون منهم إلى دفع الضعف للحصول على القارورة من السوق السوداء، مؤكدا في السياق ذاته، بأن الأمر اقتصر على حالات قليلة وأن فتح البيع من جديد سيعيد الأمور إلى سابق عهدها. سعر قارورة غاز البوتان فارغة يصل إلى 3000 دج في السوق السوداء بتيزي وزو في كل فصل شتاء يعود الحديث، بولاية تيزي وزو، عن قوارير “غاز البوتان"، التي تعتبر حيوية وكثيرة الطلب، خصوصا في المناطق الجبلية والمرتفعات، كالقرى والمداشر والبلديات التي لم تنل حقها من مشاريع غاز المدينة. ولعل “الأزمة الثلجية" التي عرفتها الولاية، شهر فيفري المنصرم، منحت للسكان درسا في المعاناة بسبب الندرة الحادة التي عرفتها الولاية في قوارير غاز البوتان. وقصد تجنب تكرار سيناريو العام الماضي، فضلت العديد من العائلات اتخاذ الاحتياطات اللازمة باقتناء قوارير غاز البوتان وتخزينها لاستخدامها عند الضرورة. والمشكل الذي تشهده ولاية تيزي وزو، يكمن في عملية تسويق قوارير غاز البوتان الفارغة، فإذا كانت بعض محطات توزيع شركة نفطال تجري العملية بطريقة عادية وتبيع قوارير الغاز بسعر يتراوح بين 1800 و2000 دينار، إلا أن الولاية تشهد مضاربة حادة في السوق السوداء على مستوى البلديات، والتي يقف وراءها الخواص. حيث كشف موزع قوارير غاز البوتان التقينا به، صبيحة أمس، بوادي عيسي، أن سعر القارورة الفارغة بقرى الناحية الجنوبية والجنوبية الغربية لولاية تيزي وزو، على غرار ذراع الميزان وبوغني وتيزي غنيف، يتراوح بين 2300 و2700 دينار، مشيرا إلى أنه خلال تردي الأحوال الجوية يصل سعرها إلى 3000 دينار. وهذا ما أكده موزع آخر، من منطقة عين الحمام، مصرحا أن منطقته سجلت منذ أسبوعين مع بداية تساقط الثلوج وموجة البرد التي عرفتها المنطقة، عمليات بيع قوارير غاز البوتان في السوق السوداء بأسعار تتراوح بين 2500 و3000 دينار. فيما أكد موزع آخر، من منطقة تيقزيرت، أن سعر قارورة غاز البوتان فارغة بمنطقته تتراوح بين 1800 و2200 دينار، وأرجع انخفاض سعرها مقارنة بالمناطق الأخرى التابعة للولاية، إلى ربط المئات من منازل المنطقة الساحلية، آواخر شهر ديسمبر المنصرم، بغاز المدينة، وهي العملية التي أشرف عنها وزير الطاقة والمناجم يوسف يوسفي، ما جعل، حسبه، العديد من العائلات تستغني عن قوارير غاز البوتان. وفي سياق استفحال ظاهرة المضاربة في تسويق قوارير غاز البوتان الفارغة، بولاية تيزي وزو، أجمع العديد من موزعي الغاز الذين تحدثنا إليهم بمنطقة وادي عيسي، أن هذه الظاهرة ليست وليدة، اليوم، بل ظهرت منذ سنوات واستفحلت حدتها السنة الماضية خلال الأزمة الثلجية، التي عرفتها الولاية، حيث أكدوا أنه في شهر فيفري 2012 وصل سعرها إلى 4000 دينار في المناطق المرتفعة التي عزلتها الثلوج، على غرار أقبيل وإفرحونان وواضية وآث بوادو وإليلتان، وبين 2800 و3500 دينار في كل من واضية وبوزقان وإيعكوران... وغيرها من المناطق. وأكثر من ذلك، كشف بعض موزعي غاز البوتان أنهم يجدون صعوبات كبيرة في كل فصل شتاء في اقتناء قوارير غاز البوتان من محطات “نفطال" بهدف تلبية حاجيات زبائنهم وضمان هذه المادة الحيوية لهم، رغم توفرهم على سجل تجاري والقوانين تسمح لهم بذلك، مشيرين إلى أن من أسموهم “بارونات" قوارير غاز البوتان يقومون ببيعها لبعض المعارف مقابل أموال وتوجيهها لإنعاش السوق السوداء وبيعها بأسعار مرتفعة. ومن جهة مقابلة، أكد أحد عمال محطة نفطال، المتواجدة بمنطقة بوخالفة، أن عملية تسويق قوارير الغاز تكون بطريقة عادية وأن العديد من المواطنين يقصدون المحطة لاقتنائها، وهو ما يتناقض تماما مع قرار الوصاية التي قررت وقف عملية تسويقها، مشيرا إلى أن هذه التعليمة لم يسمع بها بعد. حسن. ب/ عبد الكريم لونيس/ مجيد خطار