ورطة لست أدري ما الذي ورطني لأنساق نحو سراديب الكتابة وأسبر مغاويرها علني أكتشف ذاتي..؟! وأعي إلى أي حد أن هذا الوجود ضروري بالنسبة لي كما هو ضروري لأي كاتب اختار الكتابة شأنا له ولذاته. أعتقد أنها حواسي، أقصد دليلي إلى الإفلاس الأبدي.. فوضاي.. قلقي المفعم بالدهشة والسؤال. بالحرقة التي ستحيل العمر وتُصيِّرهُ حروفا، وشرفة كتابة. الكتابة لعنة محمد شكري “اللعين بامتياز".. محمد زفزاف “الصوفي إلى حد العدم"..! إدريس الخوري “الديناصور الفولاذي"..! قلت ساعتها لا بأس أن تصيبني لعنة هؤلاء الجهابذة في الإبداع والأدب المغربيين. اقتفيت أثرهم في النص والحياة، واستنتجت كم هم عميقون وعظماء وإنسانيون وحداثيون في آن. قات كم هم جديرون بالمتابعة والمواكبة والإنصات إلى كنه نصوصهم الشبيهة تماما بملاحم السينما، حيث الصورة يشدها ذلك الخيط الرفيع بين وقع الواقع وانسياب المتخيل وروعة الخيال. قلت هو ذا الأدب إذن، ومتعة تكمن في الافتتان بتفاصيل الحياة، والإفصاح عن جدواها، وهدم السائد وعمران الأسلاف. والحث عن حداثة محتملة. عن لذة فاترة في المعيش، لكنها مربكة في النص. نصوصهم فيها ارتياب كبير وعمق نادر لا يتأتى بسهولة. تحتاج أن تقرأهم أكثر من مرة علك تقف في مفترق الطرق وقد نالت منك الدهشة وأصابك الذهول، ربما هذا ما يسميه “رولان بارت" بلذة النص. في البدء كان أخي أخي جمال المغترب في الديار الهولاندية الآن، فنان تشكيلي، شاعر، وكاتب قصة هو الذي أقحمني في حلقة الكتاب المجانين، علمني الكتابة، حفزني على مواصلة فعل الإبداع، أغراني بملكوتها الشبيه بواحات في قلب فيافي غير متناهية. في غرفتنا المشتركة لذاك المنزل العالي الذي ورثه والدي عن جدي، كنا نقضي الساعات في الحديث عن الكتاب والكتابة، وعن السياسة والدين والفن. كنا معا نؤسس لوعي بفعل الإبداع وضرورة الكتابة. كان مرشدي ودليلي إلى الكتب اللذيذة المفعمة بمتعة القراءة. بعدها بسنوات وعقود سيختار شقيقي تجربة الاغتراب ورغم مرارة العيش هناك واصل فعل الإبداع وزاوج بين التشكيل والشعر والقصة ولا يزال فيما بقيت أنا في هذه الجغرافية الخرافية المسماة “الغرب الأقصى" تأسرني القصيدة والمخاض العسير لبلد برمته يحاول في الفعل والاستعارة أن يكون “ديمقراطيا"، لكن هيهات..؟ هؤلاء عندما التقيت هؤلاء: محمد حجي محمد، جلال الحكماوي، عبد الحميد بن داود، عاهد سعيد، عبد الحميد اجماهري، عبد الله بلعباس، سيف الرحبي، عبد الله الريامي... تأكدت أن الإبداع شغب لا متناهي، وسراديب معتمة، وسؤال لا يعرف المهادنة، وخراب للذات والعالم معا، وفلسفة تأسر العبث، وفوضى بلا نسق أو نظام، جحيم للأنا قبل أن يكون للآخرين، متاهات من الأفق “البورخيسي"، حرب بلا عصابات، وتمارين يومية للتصدي للكآبة، وأيضا قلق يهز الروح ويترك الجسد يبحث عن ظله بلا معنى..! الطفل البحري «الطفل البحري" شبيهي و«أناي" نديمي في طقوس الكتابة، وهي ليست منتظمة عندي، لا تخضع لزمان ما غير زمن الكتابة ذاته، ولا حتى مكان محدد، هذا دون أن أنسى أن أصيلة كانت ولا تزال وستبقى ملهمتي، وفاتحة لشهيتي نحو الطيش في الاتجاهات المتعددة للنص. هي عندي بمعنى آخر وربما أدق أفق انتظار، رغم أنني أعي أني لا أنتظر شيئا عدا العدم و«غودو" شخصيا..! يطيب لي أحيانا أن أقرأ أو أكتب أو على الأقل أن أفكر في الكتابة في مقهى “زريرق" “إيدموند عمران المالح" كتب عنها بالفرنسية نص وكتابا سماه “المقهى الزرقاء" المقهى أنى كانت مكان مثالي للقراءة والكتابة ربما هي أهم من المكتبة، بالتجربة حصلت لدي هذه القناعة. ورحلتي مع الكتابة والقراءة هي نفس الرحلة تقريبا مع فضاءات المقهى. بهذا المعنى يصبح “الطفل البحري" ربانا وبوصلة يقوداني في اتجاه أرخبيلات المجهول وشطآن اللامعنى بحثا عن فسحة للقول، عن “أناه"، عن قلقه المستمد من فيزياء الأشياء الحالمة، وبمعنى أدق عن القصيدة. الخلاصة أعتقد أني كاتب..! لكني لا أشك بتاتا في كوني لم أكتب نصي المشتهى بعد... إدريس علوش هذا البريد الإلكتروني محمي من المتطفلين و برامج التطفل، تحتاج إلى تفعيل جافا سكريبت لتتمكن من مشاهدته