ينزل الوزير الأول عبد المالك سلال، اليوم، في زيارة ظاهرها زيارة عمل، لكن باطنها يوحي بأنها زيارة “مصالحة سياسية" بامتياز، لكونها جاءت بعد 18 سنة عن تاريخ آخر زيارة قادت رأس الجهاز التنفيذي إلى المنطقة والذي كان يقوده مقداد سيفي عام 1995، وأيضا بعد وعد الرئيس بوتفليقة للبجاويين خلال حملته الانتخابية لسنة 2009 بأن بجاية ستكون أول محطة في أجندته لو فاز بعهدة ثالثة. يقول مصدر حكومي إن زيارة سلال ستتضمن رسائل سياسية هامة خاصة في لقاء عبد المالك سلال اليوم بالمجتمع المدني. ومن المنتظر أيضا أن يكون الوزير الأول قد حضّر الإجابات المقنعة لمجتمع مدني لن يفوت فرصة الاستفسار عن خلفيات عدم زيارة رؤساء الحكومات السابقين لولاية بجاية منذ 1995 أو زيارة رئاسية منذ أكثر من 10 سنوات، إذ كانت آخر زيارة للرئيس بوتفليقة كمترشح وليس كرئيس جمهورية في 2009، بعد وعد لم تتضمنه أجندته الرئاسية منذ ذلك التاريخ. ليكون رهان الزيارة في أن ينجح الوزير الأول في إذابة الجليد بين الحكومة وبجاية التي عرفت منذ أسبوع تقريبا كغيرها من ولايات منطقة القبائل مسيرات احتجاجية بمناسبة ذكرى الربيع الأمازيغي المصادف ل 20 أفريل من كل عام. وقد لا تنفصل الزيارة كذلك عن أجندة سياسية أكثر أهمية، تتعلق بالانتخابات بالغة الحساسية، ألا وهي رئاسيات 2014. وتفيد المعلومات أن الفريق الحكومي الذي ضبط أجندة زيارة الوزير الأول هذه المرة قد درس 40 مشروعا، لكنه أدرج ضمن الزيارة الميدانية 13 محطة سيتوقف عندها الوزير الأول، أهمها ستكون تلك المتعلقة بقطاعي الأشغال العمومية والطاقة، إذ يُنتظر أن يعطي الوزير الأول إشارة الانطلاقة بربط عاصمة الحماديين بالطريق السيار شرق غرب على مسافة 100 كيلومتر، لفك الخناق على الطريق القديم الذي أصبح يعرف انسدادا كبيرا في حركة السير لكثرة مرتاديه، بالإضافة إلى زيادة حظيرة السيارات والتوسع العمراني والطرقي من حول الولاية. وسيعرف قطاع الأشغال العمومية أيضا برمجة مشاريع جديدة كورشة الطريق الرابط بين منطقة ملبو وجيجل ومشاريع توسعة المطار والميناء على أن يتم الانطلاق في إنجاز محطة بحرية جديدة. كما سيُعطي الوزير الأول إشارة الانطلاق في انجاز محطة كهربائية جديدة ذات قدرة انتاج تقدر ب 160 ميغاواط، خاصة بعد أحداث الصيف الماضي التي عرفتها المنطقة على غرار كامل مناطق الوطن من قطع للتيار الكهربائي الذي نغص على المصطافين وأهل الولاية صائفتهم. لكن المحطة الأبرز في زيارة عبد المالك سلال ستكون بدون منازع لقاءه بالمجتمع المدني الذي لن يتخلى، كما يُنتظر، عن صراحته المعهودة تجاه الحكومة في الحديث بصراحة عن مؤاخذات البجاويين على السلطة، خاصة وأن الزيارة ستأتي في أعقاب مسيرات قادها التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية وبعض أنصار ما يُسمى بالتنظيم الانفصالي لفرحات مهني.