إحتضن المسرح الجهوي كاتب ياسين بتيزي وزو، مساء أول أمس، العرض الشرفي الأول لمسرحية “الطريق السريج" التي تطرقت إلى حقبة من الثورة التحريرية، وأماطت اللثام عن أوجاع وآلام الشعب الجزائري التي تجرّعها جراء بطش الاستعمار الفرنسي، وتظهر صمود الجزائريين وتحديهم في نيل الاستقلال إيمانا بقوتهم وقدراتهم على استرجاع السيادة. مسرحية “الطريق السريج" قدمتها الجمعية الثقافية “إثري" من بلدية آيت عيسى ميمون، أنتجت في إطار مرور 50 سنة عن استقلال الجزائر، ألّفها الكاتب “علي تمارت" وأخرجها المسرحي “بوعلام ماكور". تناولت المسرحية موضوعا تاريخيا، دارت أحداثها في زمن الثورة التحريرية، اختير لها فضاء جهادي في الجبال والمعسكرات والمخابئ. كما عالجت المسرحية قصة طالب جزائري في مقتبل العمر اسمه “رشيد"، قرر مغادرة مقاعد الدراسة والتضحية بمستقبله من أجل الالتحاق بصفوف جيش التحرير الوطني، حيث ورغم صغر سنه إلا أن درجة الوعي في التحرر كانت بالغة في ذهنه، وبعد تفكير دقيق صعد إلى الجبال والتحق بإخوانه المجاهدين. بدأت المسرحية بمشهد يظهر فيها شابين التحقا بالجيش حديثا، وفي مهمة مراقبة العدو يأتيهم المسؤول العسكري في صفوف جيش التحرير الوطني ليوجه لهما أوامر بتنفيذ عملية اغتيال تستهدف الحاكم العسكري الفرنسي في المدينة، ونظرا لأن هذه المهمة صعبة وتتطلب الدقة والفعالية، منح المسؤول العسكري الفرصة للمجاهدين في التطوع لتنفيذ هذه العملية، واختار بعض العناصر البارزة من ذوي الخبرة والأقدمية في الجانب العسكري واستخدام السلاح والتفاعل السريع مع المفاجآت الميدانية الغير المنتظرة. وفي وقت كان المجاهدون في اجتماع للتخطيط والاستعداد للعملية التي تستهدف الحاكم العسكري، عاد أحد المجاهدين من عملية أخرى ملطخ بالدماء تعرض إلى إصابة بليغة قبل أن يفقد أنفاسه الأخيرة بين أيادي إخوانه المجاهدين. ونجح الممثلون في التأثير بهذه اللوحة الفنية بقوة في نفسية الجمهور، حيث خيّم صمتا شديدا في القاعة التي اكتظت بالوافدين، ونقل هذا المشهد الجمهور إلى زمن الثورة التي ميّزتها البشاعة والقتل والظلم والقهر والاضطهاد. ولم يكن وفاة المجاهد إلا تقديما وإضافة إرادة قوية في نفوس المجاهدين وخصوصا في الطالب رشيد نفسه، الذي قرر أن ينتقم من العدو، حيث قدم نفسه تطوعا للمشاركة في عملية اغتيال الحاكم الفرنسي العسكري في المدينة، ورغم افتقاده للخبرة إلا أنه قرر أن يضحي بنفسه رافعا التحدي بعبارة “الموت مكتوب اليوم أو غدا ومن أجل بلدي حياتي ليست شيءا". لكن رشيد قابله رفض قائده العسكري الذي عارض مشاركته في هذه العملية نظرا لافتقاره للخبرة الميدانية، لكن عزيمة وإصرار رشيد وحقده الشديد على الاستعمار جعله يقنع قائده، هذا الأخير الذي قبل إشراكه وقدم للبطل الجديد جملة من النصائح والتوجيهات وحفزه وجعله ينفذ المهمة الصعبة التي أسندت إليه بتطبيق الأوامر حرفيا والتزامه بشروط العملية بالتدقيق. أفلح المجاهد رشيد في تنفيذ المهمة بنجاح وتمكن من اغتيال الحاكم العسكري الفرنسي. وانتهت المسرحية باحتفال المجاهدين بنصر المجاهد الشاب والبطل رشيد في أول تجربة ميدانية له، وقرر قائده العسكري أن يكافئه بتزويجه بالمجاهدة “حورية". وجاءت مشاهد هذه المسرحية في صورة مؤثرة جدا تظهر المعاناة والمآسي الحقيقية التي عاشها الشعب الجزائري جرّاء كل أنواع الاضطهاد والنقل والتشريد التي مارسها الاستعمار، وتخللت المشاهد صور تنقل شجاعة وفداء الجزائريين لأرضهم وكان “حب الوطن" الإحساس الذي كان يسكن الجزائريين، ورغم قوة الاستعمار الفرنسي من حيث التسلح والتعداد إلا أن الجزائريين وبفضل رفع التحدي والعزيمة والاتحاد حققوا النصر.