جزم النائب بابا علي محمد، عن كتلة الأرندي، صبيحة أمس، على هامش نشاط فكري بالبرلمان، أن سكان ولايتي تمنراست وجانت لا يطالبون الحكومة سوى بحل مشاكل السكن والعمل كغيرهم من الجزائريين. وقال نائب الولاية 29 إن التوارڤ “يشكرون" الدولة لأنها لم تتدخل في شمال مالي. فيما حذر محمد طيبي من المقاربة الفرنسية للجنوب الجزائري، داعيا إلى استغلال التجانس الإثني والعرقي في المنطقة لوقف أي مد خارجي. احتضن المجلس الشعبي الوطني، صبيحة أمس، محاضرة بعنوان “التوارڤ: تاريخ وثقافة"، ضمن سلسلة لقاءات “المنبر الحر" الذي استقدمه العربي ولد خليفة من عهدته السابقة بالمجلس الأعلى للغة العربية. وقد أثار عنوان اللقاء حفيظة نواب ولايتي تمنراست وجانت وما جاورها، حيث أسروا ل«الجزائر نيوز" أن اختصار تراث المنطقة في كلمة ثقافة، هو نوع من التمييع وتبديد الأفكار، في وقت أن الجنوب الجزائري ضم حضارة عريقة ويستحق إمعانا دقيقا في معطياته. طعم اللقاء مجموعة مداخلات لحسن مرموري (مدير الثقافة الحالي للوادي)، عبد الوهاب باكلي (رئيس دائرة جانت سابقا)، محمد قمامة (طبيب وباحث)، ناهيك عن الشاعرة لالة ررزيقة هنية، التي ألقت قصيدة فصيحة أبهرت الحضور، ودفعت بعض المعلقين إلى التأكيد على البعد العربي لمنطقة الأهڤار، على غرار الدكتور محمد طيبي الذي قال إن تمنراست وجانت تزاوجت فيها الثقافات ولم تعد ثقافة أمازيغية واحدة: “التوارڤ فضاء حضاري واسع يمتد إلى ازيد من 20 ألف سنة، هي ليست مجموعة نائية، بل هي مجتمعات متدفقة"، ليؤكد بعدها: “مستقبل الجزائر يكتمل بجنوبها الأمازيغي العربي، هم تركيبة بشرية ثقافية لا تخص التوارڤ وحدهم". رأي وافقه كثيرون في القاعة، بمن فيهم التوارڤ النواب الذين رفضوا ما جاء في مداخلة مرموري حينما روى جزء من تاريخهم القديم، وبالقول أنهم كانوا يعيشون في كونفيدراليات، وهو ما اعتبره النواب تصريحا “خطيرا" يثير أطراف حديث لا نهاية لها. كما ذهب مرموري، في حديثه، وفق المنهج الخلدوني، إلى أن التوارڤ تأسسوا كمجتمع وفق العصبية، وعلى ضوئها وزعت المهام والأدوار، وقبل البعض بالولاء للقوي على أساس المصالح المشتركة. من جهته أوضح النائب ولد علي في تعقيبه، أن التوارڤ “اختاروا الاسلام عن المسيحية"، مفندا أقوال مرموري التي مفادها أن التوارڤ تركوا المسيحية ليعتنقوا الإسلام. وفي الفكرة نفسها، أشار محمد طيبي إلى دور التوارڤ في الحركة الصوفية في المنطقة، بقوله: “لا يمكن أن نغفل دور التوارڤ في تبليغ الاسلام إلى إفريقيا، وخدمتهم للطرق الصوفية المتوازنة"، بعيدا عن مغالاة الطرقيين الآخرين.. في ذات السياق، عبر النائب بابا علي محمد، عن الارتياح وسط التوارڤ حاليا، بالقول: “نشكر الدولة الجزائرية لأنها لم تتدخل في شمال مالي، كنا سنشعر بحرج كبير لو ضرب توارڤ مالي، الذين نطلب منهم أن يرجحوا كفة الحوار السلمي بدل الاقتتال"، وأضاف مفسرا: “نحن ضد تدخل فرنسا في المنطقة، وواعون بنواياها في استغلال اليورانيوم، ورغبتها في العودة إلى الصحراء من خلال مالي.. هي لم تنس يوما أنها حُرمت من صحراء الجزائر بفضل الرجال". وعن فرنسا دائما، حذر طيبي من دوائر بحث فرنسية تستغل باحثين جزائريين “تريد أن تصنع للتوارڤ هوية اصطناعية"، مردفا: “التجانس الاثني والعرقي في المنطقة هو صمام الأمان الذي بيد الجزائر"، متمنيا “فتح مراكز بحث بباحثين مؤسسين مرتبطين باسترتيجية الدولة الوطنية". وأردف بابا علي محمد: “نحن لم نأت من المريخ، نحن جزائريون ولا يزايد علينا أحد في ذلك.. نريد أن نتناول الموضوع بكونه كتلة واحدة". وعن مشاكل المواطن التارڤي حاليا يؤكد ذات المصدر: “مشكلة التوارڤ اليوم تشبه مشاكل المواطن في تلمسان أوغيرها... نريد من الدولة أن تحل أزمة السكن والشغل، ودونهما لا مطالب لنا غيرها". في الوقت الذي توقف محمد قمامة عند سنة 1917، كتاريخ مقاومة التوارڤ للمد الفرنسي في المنطقة، استغرب الجنرال المتقاعد عبد السلام بوشوارب.. “كيف أن الجزائر تجاهلت إلى اليوم شخصية الشيخ أمود بن المختار من قبيلة إبمانان، رغم أنه لا يقل أهمية عن الأمير عبد القادر"، مضيفا: “للأسف مازال مغمورا رغم أنه قاوم فرنسا في بيئة صعبة جدا، لا جبال ولا غابات يحتمي بها، وظل أزيد من أربعين عاما يكافح دون أن تكتب الجزائر عنه شيئا أو تخلده في عمل تذكاري".