في كل مرة يعلن فيها عمال قطاع ما، وبشكل خاص في الوظيف العمومي، عن اللجوء إلى الاحتجاج والإضراب لافتكاك مطالب من شأنها رفع مستواهم الاجتماعي، إلا وتواجه الإدارة هذا الحراك ب"اللجوء إلى القضاء"، هذه الوسيلة التي حاولت الإدارات الجزائرية تحويلها إلى “بعبع" لكسر النشاط النقابي وتثبيط عزيمة القوى العمالية، وذلك بعدما أدركت أن كل الأساليب الوسخة التي استخدمتها كشراء الذمم و"الكولسة" ومحاولة تسريب وجوه انتهازية لخلق البلبلة والانقسامات داخل الهياكل النقابية.. وغيرها، فشلت في القضاء على الروح القتالية التي تتمتع بها الكثير من الوجوه النقابية الأصيلة التي تؤمن أن القانون وأكثر من ذلك “روح القانون"، سيبقيان دائما عائقا حقيقيا في وجه الأساليب الملتوية لقوى تحاول التهرب من مسؤولياتها والتغطية على تسييرها الفاشل وكواليسها العفنة، باستغلال العمال وهضم حقوقهم. في حواره مع الزميلة صارة ضويفي، يقول المحامي مقران آيت العربي، إن العدالة “لا تنظر وتبحث إن كانت المطالب شرعية أم غير شرعية، وإنما تنظر في الملف المقدم وإذا تم احترام الإجراءات القانونية للقيام بالاضراب أم لا". وهذا ما يعني أنه حتى إذا فصلت العدالة بعدم شرعية الإضراب وكان حكمها لصالح الإدارة، فشرعية المطالب لا تنتفي وطبعا لا تنفي معها شرعية الإضراب التي تكفلها كل القوانين الجزائرية يتقدمها الدستور. وبذلك فإن ما تقوم به الإدارات الفاشلة في حل مشاكلها الداخلية باللجوء إلى القضاء لا يمكن تصنيفه خارج المحاولة الملتوية والفاشلة لأطراف تمكنت من اكتساب سلطة ما، فيما هي غير قادرة عن استيعاب مفاهيم أساسية في دولة القانون والمؤسسات، تتقدمها الحقوق والواجبات. هذه الأطراف التي تعتبرعقليتها المرضية هي الخلفية الأساسية لاستشراء الفساد في البلد بممارساتها اللاأخلاقية المتعنتة، وأسلوبها الاستعلائي الذي يغلق باب الحوار في وجه القوى العمالية التي لم تعد قادرة على الاستمرار أكثر في جوٍ ذابت فيه الطبقة الاجتماعية الوسطى لصالح أخرى برجوازية “جديدة" تغذت على حسابها من أموال الريوع “السايبة" والرشوة.. لذلك على هذه الأطراف الانتباه جيدا لتغير المفاهيم الاجتماعية والظروف التي يعيشها المواطن البسيط الذي يبقى، مهما اختلفت المفاهيم الاقتصادية، المحرك الأساسي لنمو الدولة. وإذا وصل إلى طريق مسدود مع قوى متعفنة تشعره بتحكمها في مصيره، فلن ينفعها بعد ذلك الاختباء في جلباب القضاء!.