أصدر ما يعرف ب "الاتحاد العالمي للعلماء المسلمين"، الذي يترأسه الشيخ يوسف القرضاوي، مساء أمس الاثنين، فتوى جديدة، لدعم موقف الرئيس المصري محمد مرسي، وحذر الاتحاد مما أسماه "زعزعة الاستقرار السياسي في مصر"، مطالباً المعارضة المصرية باتباع قواعد الديمقراطية في التغيير، (حسب قوله). وفي بيان وقعه رئيس الاتحاد يوسف القرضاوي، أمس، جاء: أن الاتحاد العالمي للعلماء المسلمين فوجئ بما تناقلته وسائل الإعلام من إصرار دعوة أعداد من الجهات المعارضة في مصر للتجمع في 30 جوان للاحتجاج على الرئيس والحكومة والإخوان، والمطالبة بإسقاط الرئيس، وإجراء انتخابات مبكرة، وهو ما يعني إتاحة الفرصة للبلطجية والمستأجرين بالملايين، ودعاة الشغب والفتنة أن ينضموا إلى أولئك الثائرين، ويستخدموا المولوتوف والخرطوش والنار، ويفسدوا في الأرض بعد إصلاحها"، (حسب نص البيان). وراح البيان إلى القول: أن الشعب المصري أعطت أغلبيته بإرادتها الحرة الرئيس مرسي حق اختياره رئيساً لها بحكم الدستور أربع سنوات، وبذلك أصبح من (أولي الأمر) الذين تجب طاعاتهم، كما جاء في القرآن الكريم {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ}وطاعته واجبة، والخروج عليه بغير كفر أو معصية بارزة "حرام". وتابع القرضاوي في فتواه الجديدة، بالاستشهاد بالحديث النبوي الذي رواه البخاري ومسلم، عن ابن عمر: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "السمع والطاعة حق على المرء المسلم، فيما أحب وكره، ما لم يؤمر بمعصية، فإذا أمر بمعصية، فلا سمع ولا طاعة". وشدد البيان على أنه طالما لم يأمر محمد مرسي ولا حكومته بكفر ولا معصية، فواجب الشعب أن يطيعه. ولم يتوقف "القرضاوي" لملاحظة تناقض هذه الفتوى، مع عدد من "الفتاوى" التي أصدرها خلال العامين الماضيين، لصالح الثورات الشعبية التي طالت مجموعة من الدول، حيث أباح فيها "الخروج على الحاكم"، كما هو الحال بالنسبة للرئيس المصري السابق حسني مبارك، بل وأهدر دم عدد من قادة الدول، منهم "القذافي"، باعتبار أن "الشعب الليبي يرفضه"، إلا أنه هذه المرة كما يبدو، فالأمر يتعلق بخلفية تنظيمية وإيديولوجية، حيث أن "ولي أمر مصر" - كما وصفه البيان/ الفتوى - هذه المرة من ذات "جماعة القرضاوي"، وبالتالي فإن "الأمر قد يحتاج إلى تأصيل المسألة (شرعيا) خدمة لبقائه في الحكم". بل أن الإجراءات الأخيرة التي اتخذها "مرسي" بغرض تخفيض وطأة الضغوط الشعبية التي تطارده، لم تكن سوى جزءا من سيناريو متفق حوله بين الرئاسة وهذا الاتحاد الذي يرأسه القرضاوي، والذي نظم مؤتمرا دوليا لما أسماه "علماء الأمة السنة" في القاهرة، وأعلن فيه الجهاد في سوريا، ليأتي "محمد مرسي" في المساء الموالي ليعلن عن "إنهاء العلاقات الديبلوماسية مع الشام". لكن المحير في أمر "البيان" الذي استصدر - على عجل - كما يبدو لإنقاذ "مرسي" قبل تاريخ الثلاثين من جوان الجاري، أنه لم يعتمد على أي وقائع حقيقية على الأرض، كما لم يؤصل للفتوى بما يكفي، ولم يقف على قراءة موضوعية وشرعية للواقع، بقدر اعتماده على "الدعاية والبربجاندا السياسية" وعلى خلفية عداء سافر لجبهة المعارضة، حيث وصف البيان، الدعوات السلمية للتظاهر بأنها "قتل الأبرياء، وترويع الآمنين، وتعريض الممتلكات الشخصية والعامة، وقطع الطرقات، وتعطيل مصالح الناس، ومرافق الحياة في مصر، في 30 يونيو"، وهو ما يفضح تورط هذا الاتحاد في لعبة سياسوية داخلية لصالح تنظيم بعينه، والاعتماد على الأكاذيب والتلفيقات في فتواه الشرعية، من أجل إدانة كل الأطراف الأخرى عدا التنظيم الحاكم!. حيث ما فتئت حركة تمرد، وجبهة الانقاذ وكافة الأطراف المشاركة في تظاهرات 30 جوان، تؤكد في كافة خطاباتها وأدبياتها، "أن حراكها سيكون سلميا بشكل كامل" وأن الطرف الوحيد الذي هدد بحرق البلاد في الثلاثين من جوان هي "التيارات الدينية المرتبطة بالإخوان" وذلك لمنع المتظاهرين من الخروج على الحاكم، بينما لم يتورع "اتحاد القرضاوي" من خلط الأمور بهذه الصورة المربكة، إما تعمداً لنصرة جماعته، أو "استهتاراً" بشروط الفتوى، (حسب الكثير من المتابعين)، حيث يشترط في الفتوى "الاستوثاق والتيقن، والتبيين عن حقيقة الأمر المستفتى حوله".