انتهت المناوشات التي حدثت بين التلميذة (فريال· أ)، 14 سنة و (رندة· ب) 15 سنة اللتين تدرسان في صف الثالثة متوسط بمدرسة أثير الدين الغرناطي، بشق الأولى، وجه الثانية إلى نصفين، عن طريق الشفرة الحادة التي نزعتها من مبراتها المدرسية·· واقعة أذهلت كل الأسرة التربوية وأصبحت قصة التلميذتين على كل لسان في عين البنيان·· ''الجزائر نيوز'' تنقلت إلى المدرسة وإلى عائلتي التلميذتين وعادت بالتفاصيل·· عين البنيان، ليست ''لامادراك'' فقط، (حي الجميلة حاليا)، بل هي أيضا نموذج من نماذج المدن الجزائرية التي تعرف مدارسها أفزع القصص الدرامية وأرعبها، مما يعني أن التوزيع الجغرافي للجريمة عبر المدرسة لا يعترف بخصوصية المناطق، وأن الظاهرة عامة في المدرسة الجزائرية، وأن المسألة مسألة نظام متبع وليس شيئا آخر· قبل أيام معدودة فقط، تناوشت ''فريال'' و''رندة'' في قسمهما حيث تدرسان في صف واحد، الروايات متعددة وكثيرة، لكن النتيجة كانت مأساوية لكليهما· حسب رواية مصدر مسؤول في المدرسة، فإن ''فريال'' نعتت زميلتها بالسفيهة (الجايحة)، وردت عليها الأخرى بالمثل، لكن بعد هذا التلاسن الكلامي لم يقع أي عدوان في الخارج من قبلهما، وصادفت هذه الحادثة عطلة نهاية الأسبوع، ''ولو كنا ندري بأن سلوك التلميذتين يلفت الانتباه وأن لهما سوابق في تردي تصرفاتهما، لكنا قد وضعناهما تحت المراقبة الدائمة كما هو الحال بالنسبة للعديد من التلاميذ العدوانيين الذين لا ينبغي أن يغيبوا عن أنظار المراقبين التربويين داخل المؤسسة كوننا نتوقع منهم دوما سلوكات عنيفة''· ويضيف محدثنا أيضا ''أن الإدارة لم تشعر أن هناك مشكلا بين التلميذتين ولا حتى من قبل أحد من زملائهما في القسم، كما تجري العادة، لنقوم باستدعائهما والاستماع لهما في الإطار التربوي البيداغوجي الملائم''، وبينما كانت تتجدد المواجهات الكلامية بين التلميذتين لفترة وعلى مرأى ومسمع من زملاء الصف في كل مرة، كانت التلميذتان في نفس الوقت تميلان إلى إنهاء الاحتقان بينهما·· لكن كيف؟ يقول (ناصر· أ)، والد ''فريال'' أن ابنته أسرت لوالدتها أنها تتعرض لتحرش شبه يومي من طرف ثلاث زميلات لها في القسم، وأنهن يسئن لها كلما خرجن من المدرسة وعلى طول الطريق المؤدي إلى المنزل إلى غاية أن يفترقن، ونصحتها أمها بأن تخرج من المدرسة وتسير مباشرة نحو المنزل وأن تتجاهل كل ما يصدر عنهن· ورغم ذلك، يقول الوالد، فقد تواصل الأمر· الوالدة لم تبلغ زوجها بذلك، حتى يتفطن للأمر ويذهب إلى إدارة المدرسة ويعلمها بالأمر، هل هو التساهل أو التجاهل أو الاستخفاف؟ يقول والد ''فريال'' التي اعتدت، إن ابنته ليست عدوانية على الإطلاق، وأنه لم يلاحظ يوما تغيرا في سلوكها، ''أعتقد أن الذي حدث مصدره الشيطان اللي جابها''· إشاعات وسط الزملاء أدت إلى الاشتباك بعد مضي أيام من الاحتقان، كان لابد ل ''رندة'' و''فريال'' أن تنهيا ما بينهما من حساب، لكن لم يكن ذلك بإرادتهما، فبعد العودة يوم الأحد ما قبل الماضي من عطلة الأسبوع، جاءت زميلات إلى ''فريال'' لتحذرنها من زميلتها ''رندة''، وقالت الزميلات الثلاث لها ''رندة حملت معها مخيط للصوف وهي عازمة على طعنك به''، يقول والد ''فريال''، ولما خرجت التلميذات من المدرسة، لم تبتعد كثيرا عن بابها حتي اندلع الاشتباك بينهن حسب روايته دائما، وأحاطت ثلاث تلميذات ب ''فريال'' ومعهن ''رندة''، فما كان أمام ''فريال'' إلا أن تُخرج مبراتها التي قال والدها إنها كانت مكسورة بشكل يجعل شفرتها بارزة، حيث صوّبتها الأخيرة مباشرة نحو وجه ''رندة'' لتشقه فورا إلى نصفين، وسالت الدماء من وجهها وتم تحويل التلميذة ''رندة'' مباشرة إلى المستشفى· شقيق ''رندة'' الأكبر ''وليد''، يحمّل إدارة مدرسة الغرناطي كامل المسؤولية، ويذكر أن هناك الكثير من الحوادث وقعت بالمدرسة وأن ما جرى لشقيقته، ليس المرة الأولى، ''كثيرا ما نسمع عن قضايا حمل التلاميذ للمخدرات، ولكم أن ترون ذلك بأعينكم في الأماكن الخفية من المدرسة، لقد حولنا شقيقتاي إلى مدرسة أخرى··· الأمر لم يعد يطاق بها تماما''· وأوضح هذا الأخير أن شقيقته المصابة لا تزال منقطعة عن الدراسة وتواصل العلاج، وأن القضية أصبحت أمام العدالة، وأنه لا يمكن السماح للعائلة أو الطفلة، ''كون الأمر له تداعيات اجتماعية خطيرة على شقيقتي، وأنتم تعلمون كيف يُنظر إلى طفلة تم تشويه وجهها بآلة حادة في مجتمع مثل المجتمع الجزائري''· الرواية التي يملكها مسؤولو المدرسة ليست بهذه الدقة في التفاصيل التي أوردتها ''فريال'' أمام قاضي التحقيق، لكن ما هو ثابت لدى الإدارة أن الواقعة حدثت خارج أسوار المؤسسة، وأن المسؤولية في هذه الحال تقع على عاتق الأولياء ''الذين أخلّوا بها كثيرا خلال السنوات الأخيرة، ولم يعد معظمهم يبالي بسلوكات أبنائهم داخل المدرسة سواء الخلقية أو التربوية، ولكم أن تقترحوا كيف بإمكان مراقبة حوالي ألف تلميذ يوميا''، يقول مصدر مسؤول رفض الكشف عن هويته· أوقفت ''فريال'' عن الدراسة هي الأخرى لكن دون أن تودع لدى مؤسسة إعادة التربية، وهي اليوم تتبع بأمر من قاض التحقيق المختص في قضايا الأحداث بالشرافة حصص لدى طبيبة نفسانية كل أحد وثلاثاء، وقال والدها إن الأمر لن يطول وستعود إلى المدرسة وأنه لا يعتقد بأن العدالة ستضيع مستقبل ابنته لما حدث، خاصة إذا كان تقرير المختصة النفسانية إيجابيا، وتعهد أنه سيقوم برعاية التلميذة ''رندة'' الضحية، طبّيا·