ليست المرة الأولى التي يُحرم فيها المتفوقون الأوائل في شهادات التعليم بمختلف الأطوار، من التكريم الذي يحظون به نظريا أمام المسؤولين بدءا برئيس الجمهورية ووصولا إلى الولاة والمسؤولين المحليين، حيث تمثل صاحبة معدل 17.20 مثالا متجددا لفساد جوائز الدولة لمتفوقيها. تطلعنا مختلف العناوين عند نهاية كل موسم دراسي على شكاوى فريدة من نوعها، لا يُفترض أبدا أن يشكو أصحابها. هذه الفئة هم فئة نجباء الجزائر ونوابغها المتفوقون في شهادات التعليم بمعدلات عالية، والذين يشكلون ذخر الأمة ومادتها الرمادية التي ينبغي أن تحاط برعاية وعناية بالغتين. إن هؤلاء النوابغ أصبحوا يشكون سنويا من اختفاء جوائزهم التي يُعلن عن تلقيهم إياها من رئيس الجمهورية أوممثله في حفل بهيج تفتتح به قنوات التلفزيون الرسمي نشراتها الرئيسية كلما حلت المناسبة. لكن أياما قليلة بعد الحفل، نطلع بأعمدة الجرائد على أولياء بعض أولئك "المكرمين نظريا" يشكون إما من تأخر حصولهم على الجوائز وإما من اختفائها تماما. وكان في الماضي أمل أن تكون هذه الوقائع مجرد استثناءات، لكن المسألة بدأت تتحول إلى عادة حقيقية، بل أصبح البعض يراها من أبسط الأشياء التي تحدث إذا قورنت بحال البلد الذي يعاني من الفساد المستشري في كامل مفاصله. إيدير عاشور، أمين عام مجلس ثانويات العاصمة، هو أحد الذين أصبحوا يرون في المسألة أمرا عاديا "فالرشوة والمحسوبية طالت كل شيء بما فيها الجوائز التي يُفترض أن يحصل عليها نوابغ الجزائر". ويضيف عاشور إيدير:«كثيرا ما يقع التلاميذ المتفوقون ضحية الرشوة والبيروقراطية لتسلُّم جوائزهم، وهذا ليس غريبا ولا عجيبا في بلد يعاني بأكمله من هاتين الظاهرتين". ويقول عاشور إيدير أمين عام مجلس ثانويات العاصمة:«كثيرا ما نسمع عن جوائز اختفت ولم يحصل عليها أصحابها من المتفوقين.. إما سفريات إلى الخارج أوأشياء أخرى، وهناك أسماء تضاف في القوائم المعنية بالتكريم دون أن تكون لها علاقة بذلك من أبناء مسؤولين في الدولة أوغيرهم..". هذا العام سجلت فئة نوابغ الجزائر واقعة جديدة، كانت ضحيتها التلميذة المتحصلة على معدل 17.20، والذي راسل والدها صحيفة "الخبر" من أجل أن يشرح المسار البيروقراطي الذي وقع فيه بمعية ابنته مع المديرية الولائية للتربية، لتسجيلها ضمن الفوج الذي اختار إحدى الوجهتين بين ماليزيا وتركيا، ليتم إلغاء وجهة ماليزيا في النهاية وتُحرم بكل بساطة ابنته من جائزتها التي تستحقها، مع الإشارة إلى الصدمة النفسية التي خلفتها الواقعة للتلميذة، والتي ستبدأ بها مسارها الجامعي. من جهته أحمد خالد رئيس جمعية أولياء التلاميذ أدان هذه الظاهرة، مؤكدا أنها تتكرر سنويا وقال في تصريح ل "الجزائر نيوز" إنها ظاهرة غير تربوية وغير أخلاقية وتسيء إلى نوابغ الجزائر، وأنه على أولياء التلاميذ أن يتصلوا بجمعيتنا لتسجيل هذا النوع من الشكاوى. إن الفساد بكل أشكاله، خاصة البيروقراطي منه، الذي طال حتى جوائز أعلى رمز في الدولة وهو رئيس الجمهورية، سيترك أثرا بالغا على نوابغ الجزائر إذا استمر هذا الوضع، ويُنبئ بدمار شامل للمنظومة التربوية من الداخل والعمل وفق نظرية الواجهة، مادامت الوزارة لا تستطيع تنظيم رحلة مدرسية لبضعة تلاميذ يستحقونها فعلا.