من الضروري تأمل طريقة تنفيذ كل عملية إرهابية لمعرفة التنظيم الذي نفذها. فلكل من تنظيمات العنف والإرهاب أسلوبه وتخصه. والأرجح أن المجموعات المنتمية الآن إلى السلفية الجهادية هي من يجيد الطريقة التي استخدمت في محاولة اغتيال وزير الداخلية الخميس الماضي، وهي التفخيخ والتفجير عن بعد. ولكن هذا لا يعني أنها تعمل بمفردها. فموجة الإرهاب الراهن تختلف عن سابقتها من زاوية أنها تحدث في إطار تحالف واسع يمثل امتدادا لما يسمى التحالف الوطني لدعم الشرعية، أو قل إن هذا المسمى هو الغطاء السياسي لائتلاف الإرهاب الجديد الذي يتصدره بعض قادة جماعة الإخوان الذين يأخذونها في اتجاه العنف السافر، ويضم مختلف التنظيمات والجماعات المتطرفة على امتداد البلاد من سيناء إلإ مطروح إلى أسوان، ويحظي بدعم من تنظيم الإخوان الدولي. ولذلك فلا معنى لقول وزير الداخلية، الذي نجاه الله من العملية الغاشمة، إنه لا يستبعد تورط جهات خارجية مع العناصر الداخلية فيها. فالمسألة ليست تورطا في عملية، بل مشاركة في تحالف واسع يستخدم نوعين من العنف. أولهما مستتر وراء تجمعات بشرية يطلق عليها مظاهرات أو مسيرات أو اعتصامات، ويستخدم فيها أعضاء في تنظيمات هذا التحالف وأخرى تعمل ضمن غطائه السياسي، مع نفر قليل من الشباب المغرر بهم وعدد من المأجورين والبلطجية المحترفين. أما النوع الثاني فهو إرهاب سافر كان مركزا في سيناء خلال الأسابيع الماضية، ثم بدأ في الامتداد عندما تراجعت أمكانات العنف المستتر مثلما كان متوقعا. وتدل طريقة تنفيذ العملية التي استهدفت محاولة اغتيال وزير الداخلية على أن الإرهاب السافر غير المستتر يبدأ الآن من حيث انتهى في نوفمبر1993 فالشبه كبير بين هذه العملية وتلك التي استهدفت كنيسة القديسين في الساعات الأولى لعام2011، ومن قبلها محاولة اغتيال رئيس الوزراء الأسبق عاطف صدقي في23 نوفمبر1993. ولكن الأمل كبير في أن تكون موجة الارهاب الجديدة أقصر من سابقتها ويتوقف ذلك على وجود إرادة حقيقية لإعادة دمج أكبر عدد ممكن من شباب الإخوان وقادتهم غير المتورطين في العنف، وفتح أبواب جديدة أمامهم للمشاركة في حياة سياسية ديمقراطية ينبغي أن نتمسك بها. * "بوابة الأهرام" المصرية